بينما تفيد المصادر الروسية بإستمرار تقدم قوات فاغنر الروسية غير النظامية في مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، تشير تقارير غربية إلى تباطؤ التقدم الروسي، كما تكهن بعضها بإحتمال إجراء تغيير في القيادة العسكرية الروسية بعد “إخفاق هجوم الشتاء” حسب وصفها.
وقالت فاغنر إنها باتت في عمق مركز مدينة باخموت الإستراتيجية، على بعد بضع مئات الأمتار من المبنى الإداري للمدينة.
وذكر موقع “ريادوفكا” العسكري الروسي أن مقاتلي فاغنر يخوضون معارك عنيفة جنوب غربي المدينة، و”يخترقون الدفاعات الأوكرانية تدريجياً”.
وفي سياق معارك باخموت، أعلنت السلطات الأوكرانية مقتل 6 مدنيين وإصابة 8 آخرين في قصف روسي، صباح الأحد، على بلدة كوستيانتينيفكا التي تقع على بعد 20 كيلومتراً إلى الغرب من باخموت.
وفي شرق أوكرانيا بثت قوات دونيتسك الموالية لروسيا صوراً تظهر لحظة رصد المواقع الأوكرانية واستهدافها بشكل مباشر بأسلحة موجهة وتدميرها، وفقا لقوات دونيتسك.
وفي دونيتسك أيضا أكدت السلطات الموالية لروسيا أن مدنيا أصيب بجروح في القصف الأوكراني للمدينة، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية قصفت أمس السبت 5 أحياء سكنية بنحو 100 قذيفة، مما ألحق أضرارا مادية بأحد المباني السكنية.
كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الدفاعات الجوية أسقطت 11 طائرة مسيرة أوكرانية خلال يوم واحد.
من جهة أخرى، قال مسؤول أوكراني كبير إن قصفا روسيا لبلدة كوستيانتينيفكا في شرق البلاد صباح اليوم الأحد أسفر عن 6 قتلى و8 جرحى.
وتبعد بلدة كوستيانتينيفكا 20 كيلومترا إلى الغرب من باخموت التي تمثل بؤرة قتال منذ ما لا يقل عن 8 أشهر في ظل محاولة القوات الروسية الاستيلاء عليها، وكان تعداد سكان البلدة 70 ألف نسمة قبل الحرب.
وقال أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تطبيق تليغرام “نفذ الروس قصفا مكثفا على بلدة كوستيانتينيفكا”. وأضاف أن 16 بناية سكنية و8 منازل وروضة أطفال ومبنى إداري تضررت من القصف.
دعوة للإستسلام
في هذه الأثناء، بثت القوات الروسية صوراً لطائرات مسيرة تابعة لها وهي تلقي منشورات في مقاطعة زابوريجيا تدعو فيها القوات الأوكرانية للإستسلام.
وبثت وكالة ريا نوفوستي عبر تطبيق تليغرام مقطع فيديو قالت إنه يوثق إلقاء الجيش الروسي منشورات في مواقع تابعة للجيش الأوكراني في زابوريجيا تدعو عناصر القوات الأوكرانية للاستسلام وإنقاذ أرواحهم وفقا للوكالة.
وتشهد مقاطعتا زابوريجيا وخيرسون في الجنوب الأوكراني مواجهات وموجات من القصف الروسي بالصواريخ والقذائف منذ عدة ايام.
زيادة القوة الدفاعية
في المقابل، قال سيرغي سوبكو نائب قائد قوات الدفاع الإقليمية للقوات الأوكرانية إن عدد قوات هذه الوحدة ارتفع إلى عشرات الآلاف بعدما كان 6 آلاف قبل الحرب.
وأضاف سوبكو أن جميع وحدات قوات الدفاع الإقليمية لديها خبرة قتالية وشاركت في الهجوم المضاد في خاركيف ودونيتسك، موضحا أن جنود الوحدة يقومون حاليا بأداء مهام في المناطق الأكثر سخونة في باخموت وأفدييفكا وكريمينايا وأوغليدار.
وكشف أن تدريب هذه القوات لا يتوقف، ويسير وفقا لمعايير التدريب للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، ويأخذ التدريب في الاعتبار تجربة الحرب الروسية الأوكرانية، وبيّن أن المدربين هم ضباط قتال دربوا في الخارج والآن ينقلون التجربة إلى الآخرين.
“أكبر قوة معادية للإنسانية”
في إطار آخر، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، في منشور على تليغرام أن أوكرانيا صدت منذ عام بالقرب من كييف “أكبر قوة معادية للإنسانية” في الذكرى الأولى للعثور على جثث مدنيين في مدينة بوتشا التي صارت رمزا لـ”فظاعات” منسوبة للجيش الروسي.
وكان الجيش الروسي انسحب من بوتشا وكل المنطقة الشمالية لكييف في 31 مارس/آذار 2022، وذلك بعد شهر على بدء الحرب، وبعد يومين على الانسحاب تكشفت معالم “مذبحة” بعد العثور على جثث 20 رجلا بملابس مدنية أحدهم مقيد اليدين، وأدانت كييف والغربيون ما وصفوها بجرائم حرب، في حين نفى الكرملين أي تورط له، مؤكدا أنها عملية مدبرة.
تقييم أميركي
في غضون ذلك، قال معهد دراسة الحرب الأميركي “آي إس دبليو” إن وتيرة الهجمات الروسية تراجعت في باخموت بشكل كبير، مشيراً إلى أن القوات الروسية لم تحقق أي مكاسب مؤكدة في هذه المدينة وما حولها خلال مواجهات أمس.
وأوضح تقرير للمعهد أن تساقط الثلوج بغزارة في منطقة باخموت، وتقلب الأحوال الجوية، أديا إلى إبطاء تقدم الروس في المدينة.
وبوجه عام، قال معهد “آي إس دبليو” إن هجوم الشتاء الذي شنه الجيش الروسي شرق أوكرانيا “أخفق في تحقيق أهداف الكرملين للسيطرة على الحدود الإدارية لمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك بحلول 31 مارس/آذار”.
وأشار المعهد إلى أن هذه الرؤية واسعة الانتشار بين مصادر روسية وأوكرانية وغربية على حد سواء. وأضاف أن هناك تكهنات بين معلقين عسكريين روس بأن موسكو ربما تقوم قريبا بإجراء تغيير على قيادتها العسكرية العليا في أعقاب إخفاق الهجوم، وفقا للمعهد.
وذكر المعهد الأميركي أن رئيس الأركان العامة الروسي فاليري غيراسيموف الذي تم تعيينه في يناير/كانون الثاني الماضي قائدا للقوات بمنطقة الحرب، التي تسميها روسيا عملية عسكرية خاصة، لم يفي بتوقعات الرئيس فلاديمير بوتين.
الرئاسة الروسية لمجلس الأمن
على الصعيد السياسي، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد سيقف ضد أي تجاوز من قبل الرئاسة الروسية لمجلس الأمن الدولي.
وأضاف بوريل في تغريدة على تويتر أنه على الرغم من كون روسيا عضوة دائمة في مجلس الأمن فإنها تنتهك جوهر الإطار القانوني للأمم المتحدة باستمرار، على حد تعبيره.
وكانت كييف قد نددت بتسلم روسيا الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لشهر أبريل/نيسان الجاري، واعتبر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، أمس السب عبر تويتر، أن رئاسة روسيا لمجلس الأمن تمثل “صفعة في وجه المجتمع الدولي”.
ودعا كوليبا الأعضاء الحاليين للمجلس إلى “التصدي لأي محاولة روسية لإساءة استخدام هذه الرئاسة”، مضيفا أنه يذكّر بأن روسيا خارجة عن القانون في مجلس الأمن، حسب وصفه.
التنسيق مع بيلاروسيا
سياسياً أيضاً، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن التنسيق مع بيلاروسيا يجري بشكل فعال رغم ضغوط العقوبات غير المسبوقة من الخارج.
وكان بوتين أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو تناول فيه الجانبان التطورات المتلاحقة للحرب في أوكرانيا.
كما بعث بوتين برقية تهنئة إلى لوكاشينكو بمناسبة يوم الوحدة بين شعبي روسيا وبيلاروسيا، بحسب ما أوردته وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية اليوم الأحد.
وأشار بوتين، وفق البرقية، إلى أن روسيا وبيلاروسيا توسعان بشكل مستمر التعاون القائم على المنفعة المتبادلة وتعزيز آليات دول الاتحاد.
يذكر أنه يتم الاحتفال بيوم الوحدة بين شعبي روسيا وبيلاروسيا في الثاني من أبريل/نيسان من كل عام منذ عام 1996 عندما تم التوقيع على اتفاقية بين البلدين تهدف إلى توحيد الفضاء الاقتصادي المشترك.
وكان لوكاشينكو أكد قبل يومين استعداده لاستقبال أسلحة نووية “إستراتيجية” روسية إلى جانب أسلحة “تكتيكية” تستعد موسكو لإرسالها إلى بيلاروسيا، واتهم في الوقت ذاته الغرب بالتحضير للهجوم على بلاده للقضاء عليها، محذرا من أن حربا عالمية ثالثة “بحرائق نووية” تلوح في الأفق.