قصفت القوات الروسية المدن الواقعة على خط الجبهة في شرق أوكرانيا بضربات جوية ومدفعية، في حين قللت كييف من شأن تقرير أفاد بأنها تجري تعديلات على بعض خططها لهجوم مضاد نتيجة لتسريب الوثائق السرية الأميركية.
وأفادت هيئة الأركان الأوكرانية بصد قواتها 52 هجوماً للقوات الروسية على محاور باخموت وليمان وأفدييفكا ومارينكا بمقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا.
وأكدت الهيئة أن القوات الروسية حاولت تنفيذ هجوم على بلدتي غريغروريفكا وخروموفو شمال غربي باخموت إلا أن القوات الأوكرانية أفشلته، بينما تواصل القوات الروسية محاولة السيطرة الكاملة على المدينة رغم المعارك الشرسة وتكبدها خسائر كبيرة.
من جانب آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم مقتل 10 جنود أوكرانيين خلال الساعات الـ24 الماضية على محور خيرسون وتدمير مدفعين ذاتيي الحركة من طراز غفوزديكا.
الهجوم المضاد
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن الوقت بات مهما بالنسبة للقوات الأوكرانية من أجل الاستعداد لهجوم عكسي ضد القوات الروسية شرق وجنوب أوكرانيا.
وأضاف في تصريحات صحفية أن الوقت يمضي لصالح أوكرانيا، وأن الجيش الروسي لا يزال غير قادر على تحقيق مكاسب حقيقية. وأشار إلى أن القوات الروسية تتكبد خسائر فادحة في باخموت، وأن كل يوم يمر تخسر فيه تلك القوات نحو 500 جندي بين قتيل وجريح.
والمعركة الضارية الآن من أجل السيطرة على المدينة الصغيرة التي دُمرت إلى حد كبير والمتاخمة لمجموعة من المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا في دونيتسك، هي الأكثر دموية في الحرب المستمرة منذ 13 شهرا، إذ تحاول موسكو إعادة الزخم لحملتها بعد عدة انتكاسات في الآونة الأخيرة.
وتكبد الجانبان خسائر كبيرة في معركة باخموت، وقال قائد القوات البرية الأوكرانية أولكسندر سيرسكي “تحول العدو إلى ما تُسمى بتكتيكات الأرض المحروقة كما في سوريا، إنه يدمر المباني والمواقع بالضربات الجوية ونيران المدفعية”، إلا أن سيرسكي قال “الوضع صعب لكن يمكن إخضاعه للسيطرة”.
لكن حاكم دونيتسك الموالي لروسيا دنيس بوشيلين قال إن القوات الروسية تسيطر الآن على 75% من المدينة، لكنه أضاف أن من السابق لأوانه الحديث عن سقوط باخموت.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية قامت بمحاولات فاشلة للتقدم في مناطق إلى الغرب من باخموت، وإن 10 مدن وقرى على الأقل تعرضت للقصف الروسي، من بينها باخموت وتشاسيف يار.
ودونيتسك واحدة من 4 مناطق في شرق أوكرانيا وجنوبها أعلنت روسيا ضمها العام الماضي، وتسعى موسكو لاحتلال دونيتسك بالكامل في تحول على ما يبدو لهدفها من الحرب بعدما فشلت في اجتياح البلاد منذ بدء حربها في فبراير/شباط 2022.
ومن شأن السيطرة على باخموت أن تتيح لروسيا إستهداف خطوط الدفاع الأوكرانية في تشاسيف يار بشكل مباشر، وأن تمهد الطريق أمام قواتها للتقدم تجاه مدينتين كبيرتين بمنطقة دونيتسك وهما كراماتورسك وسلوفيانسك.
فاغنر تسيطر على 80%
وقال يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية الخاصة، في مقطع فيديو نُشر الثلاثاء، إن قواته تسيطر الآن على أكثر من 80% من مدينة باخموت في شرق أوكرانيا.
ويقود مقاتلو فاغنر جهود روسيا المستمرة منذ شهور للسيطرة على باخموت في واحدة من أكثر المعارك دموية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل 13 شهراً. وأدت حرب الخنادق الطاحنة والقصف المستمر بالمدفعية إلى مقارنات مع الحرب العالمية الأولى، بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بالجانبين.
وفي مقطع فيديو نشره مدون عسكري روسي على تطبيق تليغرام، ظهر بريغوجين وهو يعرض خريطة للمنطقة تكشف كيف أن قواته تواصل حصار المدينة المدمرة حالياً والتي كان يقطنها قبل الحرب، زهاء 70 ألف نسمة.
وقال بريغوجين: “الجزء الأكبر من باخموت، أكثر من 80% منها تحت سيطرتنا الآن، بما في ذلك المركز الإداري بالكامل والمصانع والمستودعات وإدارة المدينة”.
واستخدم قلماً أحمر لتحديد منطقة صغيرة نسبياً معظمها أحياء سكنية في المدينة لم تسيطر عليها القوات الروسية بعد. وقال: “الحرب مستمرة هنا”.
وزعم بريغوجين من قبل أن روسيا سيطرت على مدينة التعدين في تصريح تبين أنه سابق لأوانه، لكن أوكرانيا اعترفت بأن الوضع فيما تسميه “حصن باخموت” أصبح صعباً للغاية الآن.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، الأسبوع الماضي، إن القوات الروسية سيطرت على الضفة الغربية لنهر باخموتكا مما يعرض طريق إمداد رئيسيا للقوات الأوكرانية للخطر.
وخلال زيارة إلى باخموت، أمس الإثنين، قال دينيس بوشلين رئيس الجزء الخاضع لسيطرة روسيا من إقليم دونيتسك الأوكراني، الذي عينته موسكو، إن القوات الروسية تسيطر الآن على نحو 75% من المدينة.
مناورة عسكرية روسية
وفي سياق آخر، أطلقت روسيا مناورة عسكرية واسعة النطاق في مياهها بالقارة القطبية الشمالية بمشاركة 1800 جندي وأكثر من 10 سفن و40 طائرة ومروحية.
وقال الأسطول الشمالي للبحرية الروسية إن التدريبات ستركز على حماية أمن الممرات البحرية والتجارية الروسية مثل الممر الشمالي الشرقي.
ومع استمرار المعارك، أفادت شبكة “سي إن إن” الأميركية بأن أوكرانيا مضطرة لتعديل بعض خططها العسكرية قبل هجومها المضاد الذي طال انتظاره بسبب تسريب العشرات من الوثائق السرية.
وردا على سؤال حول التقرير، قال ميخائيلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني إن خطط كييف الإستراتيجية لم يطرأ عليها أي تغيير لكن أسلوب التنفيذ قابل دائما للتعديل.
وقال سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع أوليكسي دانيلوف لوكالة رويترز “لا نهتم بآراء من لا دخل لهم بهذا الأمر… دائرة الأشخاص الذين يملكون المعلومات محدودة للغاية”.