تجددت الإشتباكات العنيفة، الأربعاء، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم، في حين اقتحمت مجموعات مسلحة الملحقية الثقافية السعودية، بينما طالبت الأمم المتحدة طرفي الصراع بضمانات لوصول المساعدات الإنسانية.
وتأتي هذه الإشتباكات رغم الهدنة السادسة المعلنة بين الجيش وقوات الدعم السريع لمدة 72 ساعة تنتهي منتصف ليلة الأربعاء، بينما تبدأ هدنة جديدة لمدة 7 أيام تبدأ الخميس.
وتدور إشتباكات عنيفة تدور في محيط القصر الجمهوري بالخرطوم، مؤكدا أن دخانا كثيفا يتصاعد حول محطة جاكسون للمواصلات وسط المدينة.
بدورها، قالت قوات الدعم السريع إنها تصدت لهجوم من قوات شرطة الاحتياطي المركزي “على مواقع تمركزنا وسط الخرطوم”.
وأفاد شهود عيان، بحدوث انفجارات قوية شمال مدينة بحري شمالي الخرطوم، مع سماع أصوات مضادات الطائرات.
ورغم المعارك، نظمت “تنسيقية لجان المقاومة” في مدينة أم درمان، بالعاصمة، وقفة للاحتجاج على القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وعبّر المحتجون عن رفضهم للمعارك والتصعيد الذي تشهده البلاد، ورفعوا شعارات تدعو لإيقاف الحرب. وقد تعهدت التنسيقية بالاستمرار في الرفض السلمي لهذه الحرب.
وصباح اليوم، واصل سلاح الجو طلعاته الجوية واستهدف مواقع للدعم السريع في محاور القصر الجمهوري، والخرطوم بحري، وأم درمان، وشرق النيل. في المقابل، أطلقت مضادات الطيران طلقات متقطعة من محيط القصر الرئاسي في محاولة لإبعاد هذه الطائرات.
إتهامات متبادلة
في الأثناء، قال الجيش السوداني في بيان ليل الثلاثاء “الموقف العملياتي مستقر في جميع أنحاء البلاد عدا اشتباكات متقطعة مع المليشيا المتمردة (الدعم السريع) في أجزاء من العاصمة نتيجة لخروقاتها المستمرة للهدنة المعلنة، وذلك بمواصلة القصف العشوائي لبعض المواقع بما فيها الأحياء السكنية واستمرار التحركات العسكرية، والارتكاز داخل بعض الأحياء وسرقة ممتلكات المواطنين تحت تهديد السلاح”.
وأضاف بيان الجيش أنه رصد حدوث اشتباك بين قوات الدعم السريع شرق النيل بالمنطقة الواقعة بين كبرى الكرياب ومرابيع الشريف، بسبب شروع مجموعة منهم في الهروب. واتهم قوات الدعم السريع بالاستمرار في أعمال كسر ونهب البنوك والمحلات التجارية في منطقة محيط ملعب الهلال بأم درمان.
في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بمواصلة خرق الهدنة الإنسانية المعلنة، مؤكدة أنها تصدت في عدد من المواقع بالخرطوم لاعتداءات الطيران والمدافع وتمكنت من إسقاط طائرة من طراز “ميغ”.
وأضافت قوات الدعم السريع في البيان أنها تصدت لهجوم “جبان من طيران القوات الانقلابية والفلول” على المعمل القومي (استاك) متهما قوات الجيش بتجاهل تحذيرات الجهات الصحية من احتواء المعمل على مواد خطرة “في مسعى لإلصاق التهمة بقواتنا التي تصدت للهجوم ببسالة منعا لاستهداف المنشآت المدنية والإنسانية”.
أقتحام الملحقية السعودية
من جانبها، قالت الخارجية السعودية، في بيان، إن مجموعات مسلحة اقتحمت مبنى ملحقيتها الثقافية بالسودان أمس.
واستنكرت الخارجية السعودية اقتحام مبنى الملحقية، ودعت إلى احترام حرمة البعثات الدبلوماسية ومعاقبة الجناة، مجددة دعوتها لوقف التصعيد العسكري بين “الأطراف المتنازعة” بالسودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للدبلوماسيين والمدنيين.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده تدرس نقل سفارتها بالسودان من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان مؤقتا جراء الاشتباكات الكثيفة.
ولفت جاويش أوغلو إلى أن المنطقة التي تحوي السفارة التركية وباقي البعثات الدبلوماسية بالخرطوم تشهد تواصلا للاشتباكات المكثفة ووجودا للطرفين (الجيش والدعم السريع).
تحذيرات أممية
وفي سياق متصل، حذرت الأمم المتحدة من أزمة لجوء كبرى قد تزعزع استقرار المنطقة، وطالب المفوض الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بموافقة طرفي الصراع بالسودان لنقل المساعدات وحماية الموظفين الأمميين.
وكتب غريفيث، في تغريدة عبر تويتر، لقد وصلت للتو إلى مدينة بورتسودان (شمال شرق) بهدف تأكيد التزام الأمم المتحدة تجاه الشعب السوداني. وأضاف أن هناك حزمة مساعدات إنسانية للسودان بقيمة 200 مليون دولار، “ونسعى لأخذ ضمانات من جميع الأطراف لضمان وصول تلك المساعدات”.
بدوره، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن استمرار القتال في السودان يتسبب في إلحاق خسائر فادحة بالمدنيين. وأكد أن أسعار السلع الأساسية من الوقود إلى المواد الغذائية الأساسية والمياه المعبأة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 40-60% أو أكثر في بعض المناطق.
وأضاف أن المخزونات الطبية تنخفض بشكل خطير في مناطق القتال، بما في ذلك الخرطوم وغرب ووسط دارفور، مشيرا إلى تحذير منظمة الصحة العالمية من أن الكثيرين سيموتون في السودان بسبب نقص الخدمات الأساسية وتفشي الأمراض.
تحركات دولية
وفي جديد المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع المسلح بالسودان، طالبت الآلية الثلاثية -بعد اجتماعها الطارئ في أديس أبابا- بوقف الاقتتال السوداني بشكل فوري، وشددت على أهمية فتح ممرات آمنة، وتقديم المساعدات الإنسانية.
من جانبه، كشف مدير ديوان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمد حسن ولد لبات عن خطة للاتحاد من 4 نقاط أساسية لحل الأزمة السودانية، تم التفاهم عليها خلال اجتماع الآلية الثلاثية، وأكد أن الحل يجب أن يكون بين السودانيين، وألا يفرض عليهم من جهات خارجية.
وفي هذه الأثناء، قالت الولايات المتحدة إن اتصالاتها مستمرة مع الطرفين سعيا لإنهاء الصراع ومنع امتداده إلى مناطق أخرى. وقالت الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن ونظيره المصري سامح شكري ناقشا تمديد وتوسيع وقف إطلاق النار بالسودان، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما أمس.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان أجرى اتصالا هاتفيا برئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي تركز على بحث الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة بالسودان، وإنهاء العنف.
بدورها، قالت حكومة دولة جنوب السودان إن طرفي الصراع في السودان وافقا “من حيث المبدأ” على هدنة لمدة 7 أيام، انتظارا لمحادثات تستهدف إنهاء الصراع الدائر منذ أكثر من أسبوعين.
وتقول الأمم المتحدة إن القتال في السودان أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص، وتسبب في فرار نحو 100 ألف آخرين عبر الحدود.