نفى الجيش الأوكراني تقريراً إعلامياً غربياً عن بدء كييف هجومها المضاد المرتقب على القوات الروسية، ولم تعلق موسكو على هذه الأنباء، لكنها قالت إنها دمرت رتلاً من الدبابات الأوكرانية كانت في طريقها نحو خطوط الجبهة.
ونقلت وكالة رويترز، الخميس، عن متحدث بإسم هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، قوله “ليست لدينا معلومة من هذا القبيل”.
وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت عن مسؤولين عسكريين أوكرانيين تأكيدهم بدء القوات الأوكرانية الهجوم المضاد على القوات الروسية، وأكدت أن القوات الأوكرانية كثفت هجماتها على خط المواجهة في جنوب شرق البلاد.
كما نقلت شبكة “إن بي سي” الإخبارية عن ضابط أوكراني كبير وجندي قرب الخطوط الأمامية، قولهما إن الهجوم بدأ.
وفي السياق ذاته، نشر قائد القوات البرية الأوكرانية -اليوم الخميس- مشاهد لتدمير آليات روسية في مدينة باخموت، ضمن الهجوم المضاد الذي تنفذه القوات الأوكرانية على القوات الروسية، وقال إن قواته تحرز تقدما مستمرا في المدينة.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع البريطانية، اليوم الخميس في إفادتها اليومية عن أوكرانيا، أن قتالا عنيفا يدور على امتداد “قطاعات عديدة من الجبهة”.
لا تعليق روسياً
في المقابل، لم تعلق روسيا حتى الآن على الهجوم المضاد، لكن وزارة الدفاع الروسية نشرت، الخميس، مقطع فيديو يظهر طوابير من الدبابات الأوكرانية، قالت إنها كانت في طريقها نحو خطوط الجبهة.
وأكدت الوزارة أن المدفعية الروسية دمرت السواد الأعظم من المدرعات التي تضم دبابات غربية الصنع مثل “ليوبارد”، حسبما أفادت وكالة سبوتنيك.
في غضون ذلك، اتهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أوكرانيا بتفجير محطة كاخوفكا الكهرمائية، للتستر على خسائرها خلال محاولة تنفيذ الهجوم المضاد، وفق تعبيره.
وقال لوكاشينكو خلال لقائه في مينسك مع سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف إن الهجوم العسكري الأوكراني كان بمثابة تضليل من قبل السلطات الأوكرانية، وشدد على أنه لا خيار لتسوية الأزمة الأوكرانية سوى المفاوضات.
إتهامات وعمليات إنقاذ
في الأثناء، تتواصل عمليات إجلاء المدنيين من المناطق التي اجتاحتها المياه في جنوبي أوكرانيا بعد تدمير سد كاخوفكا جزئياً، في حين زعم الجيش الأوكراني أن القوات الروسية تكبدت خسائر في الأفراد والعتاد جراء هذه الكارثة.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية صباح الخميس إن الجيش الروسي لم يكن مستعداً لعواقب تفجير سد كاخوفكا، وإنه تكبد خسائر في القوات والأسلحة والذخائر. وأضافت أن تفجير السد، أول أمس الثلاثاء، أدى إلى مقتل وجرح وفقدان عدد من أفراد وحدات فرقة الهجوم المحمولة جوا والفيلق 22 الروسي.
من ناحية أخرى، نقلت وسائل إعلام روسية، الخميس، عن عمدة مدينة نوفا كاخوفكا المعيّن من قبل موسكو أن 5 أشخاص لقوا حتفهم إثر تدمير السد، وأصيب 41 آخرون.
وتم إجلاء آلاف السكان من المناطق التي اجتاحتها المياه، سواء في الجانب الأوكراني أو في مناطق سيطرة القوات الروسية، حيث غُمرت آلاف المنازل.
ونقلت وكالة تاس للأنباء عن السلطات المحلية لموالية لروسيا أن المياه غمرت قرابة 14 ألف منزل بعد انهيار السد، وتم إجلاء حوالي 4300 شخص من المنطقة.
وقال الكرملين، الخميس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراقب الوضع في منطقة خيرسون بعد انهيار سد كاخوفكا يوم الثلاثاء مما أدى لفيضانات هائلة في المنطقة الأوكرانية التي تسيطر روسيا على جزء منها.
وفي الجانب الآخر، تسعى السلطات لإجلاء أكثر من 17 ألف مدني في المجمل، وفق ما صرح به مسؤول أوكراني في وقت سابق.
وزار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم مقاطعة خيرسون التي اجتاحتها الفيضانات بعد دمار السد. وقال زيلينسكي إنه ناقش مع الإدارة المحلية الأوضاع في المقاطعة وعمليات الإجلاء والجهود المبذولة لاستعادة النظام في المنطقة، فضلاً عن الوضع العسكري.
وقال حاكم المنطقة إن المياه غمرت نحو 600 كيلومتر مربع من الأراضي، وقال الجيش الأوكراني إن الفيضانات في خيرسون أجبرت القوات الروسية على التراجع، و”قلصت القصف الروسي إلى النصف”.
وكما تبادلت روسيا وأوكرانيا الإتهامات بتفجير سدّ كاخوفكا، تبادل البلدان الاتهامات اليوم بقصف المنطقة التي حاول عمال الإغاثة فيها إنقاذ الناس والحيوانات من الفيضانات التي لا يزال يرتفع منسوبها.
وقال المدعي العام الأوكراني إن مدنياً قُتل في قصف روسي بمدينة خيرسون، كما اتهمت الإدارة العسكرية الأوكرانية القوات الروسية بمواصلة القصف وترهيب المدنيين.
في المقابل، إتهم الكرملين أوكرانيا بقصف عمال الإنقاذ الروس في المنطقة التي غمرتها المياه بعد انهيار السد، كما اتهم الجيش الأوكراني بقصف محطة كهرباء فرعية في كورسونكا قرب كاخوفكا.
مفاعلات زابوريجيا
في غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن الشركة المشغلة لسد كاخوفكا أعلنت، الخميس، أن الخزان الذي تم إنشاؤه بواسطة السد في جنوب أوكرانيا لم يعد بإمكانه توفير المياه لتبريد مفاعلات محطة زابوريجيا النووية.
وقال إيغور سيروتا المدير التنفيذي لشركة “أوكرهيدروينرجو” إن منسوب المياه “أقل من النقطة الفاصلة البالغة 12.7 مترا”، مما يعني أنه لم يعد ممكنا إمداد “الأحواض في محطة زاباروجيا للطاقة النووية لتبريدها”.
كما أعلنت السلطات الأوكرانية أن تفجير سد كاخوفكا قد يؤدي لخسارة ملايين الأطنان من الحبوب.
وسبق أن أفادت الوزارة بعد تفجير السد بأن قرابة 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية في منطقة خيرسون، وخصوصا المناطق الواقعة جنوب النهر، ستغمرها المياه.
إتفاق أممي
وأعلنت الخارجية الأوكرانية عن اتفاق مع الأمم المتحدة على إخلاء الضفة اليسرى من نهر دنيبرو، حيث منطقة الفيضانات وإرسال فرق لتقديم المساعدات الإنسانية بشرط ضمان المرور الآمن إلى الأراضي التي تسيطر عليها حكومة أوكرانيا.
وقال بيان للخارجية الأوكرانية إنه تم الاتفاق مع الأمم المتحدة على أن تخلي وحداتها المناطق المتضررة من الضفة الجنوبية لنهر دنيبرو الخاضعة لسيطرة روسيا إلى الضفة الشمالية الخاضعة لسيطرة أوكرانيا.
بايدن وسوناك
سياسيا، تطرق الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى الأوضاع في أوكرانيا خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم بواشنطن عقب مباحثاتهما، حيث قال بايدن إنه لا يعتقد أن روسيا ستكتفي بالتوقف عند أبواب كييف، مضيفا “وهذا التصور الذي نتقاسمه مع الكثيرين”.
وقال الرئيس الأميركي إنه ناقش مع رئيس الوزراء البريطاني الدعم المشترك للشعب الأوكراني في مواجهة العدوان الروسي البشع، على حد وصفه، مؤكدا العمل على “توفير كل ما تحتاجه أوكرانيا لدعم جيشها”، ومضيفا أن إدارته ستحصل على التمويل الضروري لذلك من الكونغرس.
بدوره، قال سوناك إن “التهديدات الروسية تتطلب الردع، لأن الرئيس بوتين سيستمر في المماطلة لذلك يجب أن يتعزز دعمنا لكييف”، بحسب قوله.