شهد اليوم الرابع لـ”طوفان الأقصى” تطورات كبيرة تخلله قصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة أوقع دماراً كبيراً ومزيداً من الشهداء. وفي المقابل كثفت المقاومة الفلسطينية من ضرباتها الصاروخية في مناطق مختلفة من إسرائيل، وخاصة في مدينة عسقلان المجاورة للقطاع بعد إمهال سكانها بالمغادرة.
نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله، إن عدد القتلى جراء الهجوم الذي نفذته حماس على إسرائيل ومستوطنات غلاف غزة، إرتفع إلى أكثر من 1000 قتيل، في الوقت الذي أكد فيه الجيش الإسرائيلي مقتل 38 جندياً إضافيا خلال الساعات الماضية، ما يرفع عدد الجنود القتلى إلى 124.
وتجددت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، بينما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية حصيلة جديدة لضحايا العدوان الإسرائيلي، حيث إرتفع عدد الشهداء في القطاع إلى 830 والمصابين إلى 4250 جريحاً.
ميدانياً، بدأت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بإطلاق الصواريخ باتجاه عسقلان، وذلك بعد مهلة أعلنت عنها الكتائب لسكان المدينة، فيما إستهدفت قبل ذلك مطار بن غوريون.
ودوت صفارات الإنذار في جنوب عسقلان مع انتهاء المهلة الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي لمغادرة السكان، وقالت الكتائب إنها وجهت ضربة بمئات الصواريخ إلى عسقلان ردا على تهجير المدنيين، وفق تعبيرها.
وقالت القسام: سنواصل دك عسقلان وسننتقل لتهجير مدينة أخرى إذا لم يوقف الاحتلال تهجير المدنيين.
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية أن ضحايا سقطوا في مدينة عسقلان بعد أن إستهدفتها المقاومة بمئات الصواريخ، كما اندلعت نيران في المدينة بعد تعرضها للقصف.
بالفيديو | رشقات صاروخية كبيرة وغير مسبوقة تستهدف #عسقلان بعد انتهاء مهلة #كتائب_القسام #طوفان_الأقصى #التهجير_بالتهجير pic.twitter.com/8IGpzkOOTK
— قناة المنار (@TVManar1) October 10, 2023
وكان المتحدث بإسم القسام أبو عبيدة، قال “رداً على جريمة تهجير العدو لأهلنا وإجبارهم على النزوح من منازلهم في عدة مناطق من قطاع غزة، فإننا نمهل سكان مدينة عسقلان لمغادرتها قبل الساعة الخامسة من مساء اليوم الموافق الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش”. وختم تحذيره عبر حسابه على منصة تليغرام قائلا “وقد أُعذر من أَنذر”.
وخلال الأيام السابقة، أرسل الجيش الإسرائيلي رسائل هاتفية فضلاً عن إتصالات هاتفية مع سكان عدد من المناطق وطالبهم بإخلائها تمهيدا لقصفها. كما نشر الجيش على منصاته مقاطع فيديو، يطالب فيها سكان بعض المناطق من غزة بإخلائها والنزوح إلى مناطق أخرى.
قصف مطار
وعلى الصعيد الميداني أعلنت الكتائب اليوم أنها قصفت مطار بن غوريون الإسرائيلي ومدينة تل أبيب بالصواريخ، ردا على استهداف المدنيين في غزة.
ومنذ السبت، تواصل المقاتلات الإسرائيلية شن غاراتها على مناطق متفرقة من غزة، أسفرت عن دمار هائل بالمناطق السكانية وخسائر كبيرة في الأرواح وحالة نزوح جماعي.
وفجر السبت، أطلقت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية طوفان الأقصى، ردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية السيوف الحديدية، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.
معبر رفح تحت القصف
تعرض معبر رفح بين قطاع غزة ومصر لقصف إسرائيلي للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، في حين أوردت القناة الـ12 الإسرائيلية أن الجانب المصري تلقى تحذيراً إسرائيلياً من مغبة السماح بدخول إمدادات إغاثية إلى القطاع.
واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية لمعبر رفح، مما أدى إلى وقوع أضرار بالقاعة الداخلية بالجانب الفلسطيني للمعبر، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت منظمة سيناء لحقوق الإنسان إن مقاتلات إسرائيلية قصفت المعبر، مما أدى إلى إغلاقه مرة أخرى. وكان المعبر قد أغلق أمس الاثنين لفترة وجيزة بعد قصف إسرائيلي.
وفي وقت سابق اليوم، قالت وزارة الداخلية في قطاع غزة إن إدارة معبر رفح في الجانب المصري أبلغت الطواقم في الجانب الفلسطيني بضرورة إخلاء المعبر لوجود تهديدات إسرائيلية بقصفه.
الممر الوحيد
ويعد معبر رفح الممر الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، وقد تركته مصر منذ مايو/أيار 2018 مفتوحا معظم الفترات بعد سنوات من إغلاقه بشكل شبه دائم، وهو الممر الوحيد للغزيين الذي لا تسيطر عليه إسرائيل.
في غضون ذلك، قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن إسرائيل “حذرت مصر من مساعدة غزة”، وأضافت أن فحوى رسالة التحذير هي “إذا جلبتم الإمدادات إلى غزة سنقصف الشاحنات”.
لكنها لم توضح القناة التي تم من خلالها توجيه هذه الرسالة إلى الجانب المصري، ولم يصدر تعقيب فوري من القاهرة.
وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمس الاثنين فرض “حصار كامل” على قطاع غزة وقطع جميع الإمدادات عنه من مياه وغذاء وكهرباء ووقود، بعدما أطلقت المقاومة الفلسطينية السبت معركة طوفان الأقصى ضد إسرائيل.
وخلال الحروب السابقة على غزة، كانت الدول والمنظمات ترسل المساعدات الإغاثية إلى غزة من خلال معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر.
الحصار غير قانوني
من جهتها، أكدت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء أن الحصار الكامل لقطاع غزة -الذي أعلنته إسرائيل- محظور بموجب القانون الدولي الإنساني.
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان إن “فرض حصار يعرض حياة المدنيين للخطر من خلال حرمانهم من السلع الأساسية للبقاء، محظور بموجب القانون الدولي الإنساني”.
وأضاف البيان أن أي قيود على حركة الأشخاص والبضائع في سبيل تنفيذ الحصار قد يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي. وقال تورك إن قصف القوات الإسرائيلية لقطاع غزة تسبب في سقوط ضحايا مدنيين.
لكنه ذكر في الوقت نفسه أنه “يشعر بالصدمة والغضب العميقين إزاء الاتهامات بتنفيذ إعدامات بإجراءات موجزة للمدنيين، وفي بعض الحالات، مجازر مروعة يرتكبها أعضاء الجماعات المسلحة الفلسطينية”، وفق تعبيره.
من جانبها، دعت منظمة الصحة العالمية إلى فتح ممر إنساني إلى قطاع غزة، بعد إعلان إسرائيل الحصار الكامل للقطاع.
وفي تصريحات صحفية أدلى بها من جنيف، طالب المتحدث بإسم المنظمة طارق ياساريفيتش، بوقف العنف بين الطرفين في فلسطين وإسرائيل. ودعا إلى فتح ممر إنساني إلى قطاع غزة لإيصال “المعدات الطبية الحساسة” إلى السكان، بعد إحكام إسرائيل حصارها على القطاع.