رافقت أربع طائرات مقاتلة روسية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، خلال رحلته إلى الخليج العربي، في زيارة نادرة للخارج، يبحث خلالها النفط والحرب في غزة وأوكرانيا مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويأتي الإجتماع بين بوتين وبن زايد وبن سلمان بعد تراجع أسعار النفط على الرغم من تعهد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا، أو التحالف المعروف بإسم أوبك+، بزيادة خفض الإمدادات.
وأحاطت أربع طائرات مقاتلة من طراز “سوخوي-35 إس” بطائرة بوتين، وأظهرتها وزارة الدفاع وهي تحلق إلى جوار طائرته من طراز “إليوشن-96” من روسيا إلى الإمارات.
ورحب الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، في أبوظبي بصديقه “العزيز” ووجهت له مقاتلات إماراتية أيضاً التحية برسم ألوان العلم الروسي في الهواء بالدخان.
وقال بوتين لبن زايد “علاقاتنا، بفضل منصبك إلى حد كبير، وصلت إلى مستوى مرتفع غير مسبوق”. وأضاف “الإمارات هي الشريك التجاري الرئيسي لروسيا في العالم العربي”.
ويضم الوفد الروسي مسؤولين كباراً في مجالات النفط والإقتصاد والشؤون الخارجية والفضاء والطاقة النووية.
وذكر بوتين أن روسيا والإمارات تتعاونان بصفتهما عضوين في أوبك+، وهو تحالف تنتج الدول الأعضاء به أكثر من 40 بالمئة من نفط العالم، مضيفا أنهما سيبحثان صراع إسرائيل وحركة حماس وقضية أوكرانيا.
وبعد إختتام زيارته للإمارات، وصل بوتين إلى السعودية لإجراء أول إجتماع له مع بن سلمان وجهاً لوجه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأجرى بوتين آخر زيارة له إلى المنطقة في يوليو/تموز 2022 حينما إلتقى الزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي في إيران.
وبدا أن زيارته للقاء ولي العهد السعودي، جرى تعجيلها، وذلك بعد أيام من تأجيل إجتماع رئيسي لأوبك+. وكان مصدرٌ قد قال لوكالة “رويترز” إن سلمان لديه خطط لزيارة موسكو.
ومن المزمع أن يستضيف بوتين نظيره الإيراني، إبراهيم رئيسي، في موسكو، غداً الخميس. وكانت آخر زيارة لبوتين إلى المنطقة في منتصف 2022.
بوتين وبن سلمان
وخلال لقائه بن سلمان، أكد بوتين أن “لا شيء يمكنه أن يعيق تطوير العلاقات الودية بين موسكو والرياض”. وأضاف: “كوني هنا في المنطقة في زيارة مقررة إلى دولة الإمارات، استفدت من دعوتكم للحضور والتحدث معكم ومع جميع أصدقائنا، الذين عملنا معهم على تطوير علاقاتنا بكثافة على مدى السنوات السبع الماضية”.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن الاتحاد السوفييتي كان من أوائل الدول التي اعترفت بالمملكة العربية السعودية كدولة مستقلة. وتابع: “كان ذلك منذ ما يقارب 100 عام”، مشدداً على أن روسيا تحترم إرادة مواطني السعودية في بناء مستقبلهم.
وأضاف “خلال هذه الفترة، حدث الكثير في علاقتنا. ولكن على مدى السنوات السبع الماضية، اكتسبت العلاقات زخما، ووصلت إلى مستوى لم يسبق له مثيل، وقد تحقق ذلك بفضل السياسة الحكيمة لوالدكم خادم الحرمين الشريفين ملك السعودية بمشاركتكم المباشرة”. ولفت إلى أن البلدين يتمتعان بعلاقات مستقرة في مجال التعاون السياسي والاقتصادي والإنساني.
من جهته أكد بن سلمان أن التعاون بين السعودية وروسيا يساعد على ضمان الأمن في الشرق الأوسط. ووصف بن سلمان بوتين بأنه “ضيف خاص” للمملكة.
وتابع: “لدينا العديد من المصالح المشتركة، التي نعمل في إطارها على تحقيق الاستقرار والتنمية في العالم أجمع وفي منطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف: “على مدى السنوات القليلة الماضية، حققنا نتائج عظيمة في عملية التعاون الثنائي، بما في ذلك في مجالات الطاقة والزراعة والتجارة والاستثمار وغيرها من المجالات”. مضيفا أنه لدى البلدين فرص كبيرة لتوسيع التعاون.
وقد جرى خلال الإجتماع الموسع إستعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون المشترك وفرص تطويره في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها.
كما عقد ولي العهد السعودي والرئيس الروسي لقاءً ثنائياً، إستعراضا خلاله عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
سمو #ولي_العهد يستقبل في قصر اليمامة بالرياض فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية.#رئيس_روسيا_في_المملكة#واس pic.twitter.com/ftgMaFeUT2
— واس الأخبار الملكية (@spagov) December 6, 2023
بيان الكرملين
وفي وقت سابق، ذكر الكرملين، في بيان، أن بوتين ومحمد بن سلمان سيناقشان الحرب بين إسرائيل وحماس والوضع في سوريا واليمن وقضايا مثل ضمان الإستقرار في الخليج، فضلاً عن النفط، بينما قال أحد معاوني بوتين إن قضية أوكرانيا ستكون على جدول أعمال المناقشات أيضاً.
ولطالما تمتع بوتين بن سلمان، اللذان ينتج بلداهما خمس إنتاج النفط العالمي يومياً، بعلاقات وثيقة على الرغم من نبذ الغرب لهما أحياناً.
وفي قمة مجموعة العشرين في 2018، بعد شهرين فحسب من مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا، تصافح بوتين وبن سلمان وتبادلا الإبتسامات.
ويسعى بن سلمان إلى تأكيد مكانة السعودية كقوة إقليمية غير خاضعة بشكل كبير للولايات المتحدة التي تمد الرياض بأغلب أسلحتها. والولايات المتحدة هي الدولة الأولى عالمياً في إنتاج النفط.
ويقول بوتين الذي أرسل قوات إلى أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 إن روسيا تخوض معركة وجودية مع الغرب، وتوددت موسكو إلى حلفاء في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا وسط محاولات من الغرب لعزلها.
ويريد بن سلمان وبوتين، بل ويحتاجان إلى، رفع أسعار النفط شريان حياة اقتصاديهما، وفق رويترز. والتساؤل المطروح أمامهما هو ما مقدار العبء الذي ينبغي لكل منهما تحمله لإبقاء الأسعار مرتفعة؟ وكيف سيجري التحقق من ذلك العبء؟
تحالف أوبك+
أرجأ تحالف أوبك+ الشهر الماضي اجتماعه عدة أيام بسبب خلافات حول مستويات الإنتاج. وقال وزير الطاقة السعودية إن أوبك+ يريد أيضاً مزيداً من التأكيد من موسكو أنها ستفي بتعهدها لخفض صادرات الوقود.
وشهدت العلاقات بين السعودية وروسيا في إطار أوبك+ صعوبات في بعض الأوقات، وأوشك اتفاق لخفض الإمدادات على الانهيار في مارس أذار 2020 عندما كانت الأسواق تعاني بالفعل بسبب جائحة كوفيد-19.
لكن البلدين نجحا في رأب الصدع في علاقاتهما في غضون أسابيع، واتفقت أوبك+ على تخفيضات قياسية تصل إلى حوالي عشرة بالمئة من الطلب العالمي على النفط لدعم أسواق النفط.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر، قال بوتين إن الصراع ناتج عن فشل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وعزز علاقاته مع حلفاء عرب وإيران، بالإضافة إلى حماس.