ندى أيوب – الأخبار
أثار قرار فصل قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية مارسيل باسيل إستهجان الجسم القضائي. إذ أنها المرة الأولى في تاريخ السلك القضائي في لبنان، يعاقب قاضٍ بالطرد بسبب الإهمال الوظيفي.
وكان المجلس التأديبي للقضاة، برئاسة القاضي جمال الحجار وعضوية القاضيين أيمن عويدات وميرنا بيضا، قرّر الأسبوع الفائت فصل باسيل على خلفية تراكم ملفات غير منجزة في عهدته.
وفي التفاصيل، وفق معلومات “الأخبار”، فإن مركز عمل باسيل قبل عام 2017 كان في محكمة الشمال في زغرتا كقاضٍ منفرد، و”منذ ذلك الحين وهو يعجز عن إنجاز ملفاته بالسرعة المطلوبة، إلى أن بلغ عدد الأحكام المكسورة حوالي 300 حكم ينبغي عليه إصدارها، في دعاوى إنتهت فيها المحاكمة، وتنتظر صدور الأحكام لختم الدعاوى”. عام 2017، رُقّي باسيل وعُيّن قاضي تحقيق عسكري. ولكن، قانونياً، تبقى مهمة إصدار الأحكام في الملفات غير المنجزة على عاتقه، حتى لو إنتقل إلى العمل في محكمة أخرى، ولا يُسمح أن يصدرها قاضٍ آخر.
لأكثر من خمس سنوات، بقيت الدعاوى عالقة، ومعها مصالح المعنيين بها، “الذين قدّموا شكاوى ضد بطء باسيل أمام التفتيش القضائي”. وبحسب أوساط قضائية، “وجِّه أكثر من إنذارٍ لباسيل بضرورة إصدار أحكامه، قبل أن يُحول إلى المجلس التأديبي الذي أنذره وحدّد له موعداً لإصدار القرارات لم يفِ به”.
رغم ذلك، تلفت مراجع قضائية إلى أنه جرت العادة أن يُعاقب القضاة في حال الإهمال الوظيفي – كما هي حال باسيل – بما يُعرف بكسر الدرجات. أي أن يخفّض المجلس التأديبي درجة القاضي، ما يؤثّر سلباً على قيمة الراتب والتقديمات ويؤخّر الأقدمية وغيرها. لذلك فإن قرار الصرف كان موضع إستغراب، وعزته مصادر قضائية إلى قرب القاضي باسيل من التيار الوطني الحر.
وعلمت “الأخبار” أن باسيل إستأنف القرار أمام الهيئة التأديبية العليا المؤلّفة من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وعضوية أربعة قضاة. والأمور محصورة في إحتمالين: إما خفض العقوبة وجعلها كسر درجات، وإما الإبقاء عليها كما هي. وإلى حينه، تقول المراجع القضائية “يستمر باسيل في عمله”. ويجمع أكثر من مصدرٍ قضائي على أن سمعة القاضي المفصول نظيفة، ولم يتم التداول بإسمه في أي من ملفات الفساد.
في التوقيت أيضاً، لم يكن قرار المجلس التأديبي موفقاً. فالإعتكاف القضائي أنهى شهره الرابع، ومعه تعطّلت شؤون الناس. صحيح أنه لا يمكن المقارنة بين إعتكافٍ أحتجاجي لتحصيل الحقوق وبين قاضٍ أهمل عمله عمداً لسنوات. لكن الصحيح كذلك أن الإثنين إستنكفا عن إحقاق الحق، ومسّا بهذا المبدأ. ولكانت وطأة القرار أخفّ فيما لو أجلّ المجلس قراره إلى ما بعد فك الإعتكاف القضائي. علماً أن قضاة كثراً يمتنعون عن إحقاق الحق في قضايا تطال المصارف وحاكم مصرف لبنان وسواها من القضايا التي يحظى المدّعى عليهم فيها بحماياتٍ سياسية.