أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “ما هو حاصل اليوم ليس بسبب جبروت محور الممانعة، إنما بسبب ضعف من كان يجب عليهم تحمل مسؤولياتهم ويرفضون القيام بذلك”، ولفت إلى أنه “حتى اللحظة مرّ شهران من المهلة الدستورية وشهران إضافيان من الفراغ ولم يتم إنتخاب رئيس للجمهورية ،لأن محور الممانعة لم يتمكن من إيصال المرشح الذي يريده وبالتالي يعمد إلى تعطيل الإنتخابات، وهذا بصراحة ليس عملاً ديموقراطيّاً ولا سياسياً ولا شريفاً ولا وطنياً، بل عملاً في غاية الحقارة يضرب الديموقراطيّة والوطنيّة ولبنان”.
وشدد جعجع على ان “الأزمة تشتد يوماً بعد يوم، ومن يتحمّل تبعاتها “حزب الله” وحلفاؤه، أي محور الممانعة، لأنهم يقومون بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهوريّة”، مشيراً إلى أن “الإنقاذ في مطال اليد، ولا يعتقدن أحد أن هناك “برمبو القرن 21” لأنه لم يعد هناك “برمبويات” على الإطلاق، جل ما في الأمر اننا بحاجة الى أشخاص يتحملون مسؤوليتهم، وفي هذا الإطار على المواطنين الذين يلذعون يومياً من نار الأزمة، أن يطلبوا من النائب الذي اقترعوا له بصفته صاحب الوكالة النيابيّة، التصويت في الانتخابات الرئاسيّة لرئيس جدي يعيد الحق الطبيعي الى موقع رئاسة الجمهوريّة”.
ورأى جعجع، خلال العشاء السنوي الذي أقامته منسقيّة عاليه في المقر العام لـ”القوات” في معراب، أن “الفريق الآخر يقوم بشل انتخابات رئاسة الجمهوريّة لأنه يريد رئيساً يكون في خدمته، ويصرّح بذلك علانيّة، وأفضل رد عليه أتى من قبل غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، حين اعلن: “يقولون إنهم يريدون رئيساً يحمي ظهر المقاومة، فهل نحن بحاجة لرئيس يحمي ظهر “حزب الله” أم أننا نريده أن يحمي ظهر اللبنانيين؟ نحن بحاجة لرئيس يحمي ظهر اللبنانيين جميعاً لأنه بذلك يحمي ظهر السنة والشيعة والمسيحيين والدروز وجميع المكونات التي تعيش على أرض لبنان، إلا أنهم لا يريدون ذلك، فهم يريدون رئيساً لهم وحدهم، ينفذ مخططاتهم ويشاركهم بما هم يقومون به، ويمضي معهم في مشروعهم، في الوقت الذي أكثريّة اللبنانيين وفي أكثر من مناسبة برهنوا أنهم لا يريدون هذا المشروع، فإذاً هذه محاولة لفرضه بالقوّة”.
وأوضح أن “الفريق الآخر يريد رئيساً له وليس رئيساً للبنانيين، وهذا ما يقصده عندما يقول “نريد رئيساً منرتحله”، وكأن لا عمل لدينا سوى إراحته، في حين أن جل ما نريده هو إراحة البلاد وليس الفريق الآخر الذي يتعب نفسه ويتعبنا معه و”خارب الأرض”، ولكنه وبما أن الأمور تعقّدت عنده ويرى أنه لن يتمكن من إيصال الرئيس الذي يريد يعمد إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسيّة”.
وقال: “ليقوموا بانتقاء المرشح الذي يريدونه وليصوتوا له، فأفرقاء المعارضة عندما اختاروا مرشّحهم النائب ميشال معوّض وقرّروا التصويت لصالحه لم يكن أي منهم على ثقة من أنهم سيتمكنوا من تأمين الأكثريّة لصالحه، وأكبر دليل على ذلك أنه لم يحظ حتى هذه اللحظة بأكثريّة، إلا أننا قمنا بما يجب القيام به بحسب ما يقتديه الدستور والأعراف والتصرّف السليم، وفي هذا الإطار صرّحنا مراراً وتكراراً بعد ما سئلنا عما إذا كنا سنعطّل الإنتخابات في حال تمكن محور الممانعة، لا سمح الله من تأمين الأكثريّة لمرشّحه، وأجبنا ونجيب اليوم أيضاً أننا في هذه الحال يمكن أن نعتكف عن حضور جلسة أو إثنتين لنرى إذا ما كان باستطاعتنا استدراك الموقف والأمور، بالنسبة لنا تقف عند هذا الحد ولن نقوم بتعطيل انتخابات الرئاسة حتى لو كان الفريق الآخر سيتمكن من إيصال مرشّحه لأن الحق يقع في هذه الحالة على النواب الذين اقترعوا لصالح هذا المرشّح وليس على المرشّح، ونحن لسنا على استعداد أبداً لتعطيل انتخابات الرئاسة إلى أبد الآبدين ولو لم يكن لدينا أي أمل في تغيير الوقائع على الأرض، فيما نرى الفريق الآخر الذي عطل حتى اللحظة عشر جلسات إنتخابيّة وعلى ما يبدو أنه سائر في هذا النهج التعطيلي أكثر وأكثر”.
وأوضح أن “الوضع السياسي الراهن في البلاد معقّد جداً، لكنّه في الوقت عينه بسيط جداً. فنحن نعيش أزمة لا قعر لها، والرئيس (الجمهورية العماد) ميشال عون صدق في أمر واحد، وهو أننا ذاهبون إلى جهنّم، المكان الوحيد الذي لا قعر له، إلا أنه رغم ذلك لا يظنن أحد أن الحل مستحيل إن كان على المستوى السياسي أو الاقتصادي، باعتبار إن وجد القرار السياسي فالحل معروف على المستويات الإقتصاديّة وليس بحاجة الى مجموعة من العباقرة لإستنباطه، فأربع أو خمس خطوات جديّة كفيلة في استقامة الأمور، إذاً نحن بحاجة الى مركز قرار سياسي، ولا ينقصنا سوى رجال دولة “يقبضو حالن جد” ويقبلون باتخاذ القرارات المطلوبة من أجل قيام دولة فعلية تبدأ بالإصلاح الجديّ”.
أضاف: “في الدولة الحاليّة لدينا مسؤولان “قبضوا حالن جد” في الموقع الذي يتبوآناه وهما ينتميان الى تيارات سياسيّة مختلفة عن تياراتنا، الأول هو جان العليّة في دائرة المناقصات الذي أصر على أنه رئيس لهذه الدائرة وبالتالي يجب أن تمر عبره كل المناقصات، ولو انهم حاولوا المستحيل للتضييق عليه وثنيه عن القيام بواجباته وتحدوه فرد عليهم بالتحدي وبقي صامداً في مركزه يقوم بواجباته حتى أصبح اليوم رئيساً لدائرة الشراء العام. أما الثاني فهو قاضي عادي شأنه شأن باقي القضاة، تمنيت لو يتمثلون بأدائه، يدعى القاضي طارق البيطار الذي كلّف بالتحقيق في قضيّة انفجار المرفأ وضغطوا عليه بكل ضغوطات الكون، إلا أنه لم يأبه واستمر في تأدية واجباته، “ونزلوا ليهددو مباشرة إلا انه ضحك علين” ولم يقبل سوى بالإستمرار في أداء واجباته كما يجب ولا يزال مستمراً في الوقت الحاضر ولو أنهم يضيقون عليه”.
واستطرد جعجع: “لو كان لدينا رئيس جمهوريّة ورئيس حكومة ووزراء يتمتعون بهذه المواصفات لكنا وصلنا إلى القمر وأعدنا لبنان الذي نعرفه ولكنا نعيش اليوم في أحسن حال، فهل من أحد يمكنه أن يصدّق أن الأزمة بحاجة فقط إلى هذه الحلول؟. أما الشخص الثالث الذي أود أن أتطرّق إلى أدائه في هذه المناسبة و”عبى مركزه” فهو قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي هو قائد جيش عن حق وحقيق، لأنه لم يسمح لأحد بالتدخل في المؤسسة العسكريّة وتصرّف بعدلٍ مع الجميع كما لم يقبل أن يتعدى أي فريق لبناني على آخر”.
وشدد على أننا “بحاجة الى رئيس جمهوريّة يكون رئيساً للجمهوريّة، أما بالنسبة لأصحاب مقولة: “لا نريد رئيس تحد”، فنقول لهم: ما نطالب به ليس من باب التحدي أبداً وإنما نسعى الى رئيس فعلي للجمهوريّة، يكون على مسافة واحدة من الجميع على المستوى الفردي وهمّه الوحيد تطبيق الدستور واسترجاع القرار للدولة، فإذا رئيس الجمهوريّة لا يريد القيام بذلك فماذا هو فاعل؟”، وقال: “كان رئيس الجمهوريّة السابق يصرّح علانيّة أن المقاومة ضرورة للبنان، وكان يبيع قرار الدولة ويضعه عند الآخرين، ففي هذه الحال كيف ستقوم الدولة؟”.
وكان جعجع استهل كلمته بشكر منسقيّة عاليه على “الجهد الذي بذلته بغية تنظيم هذا اللقاء في ظل هذه الظروف الصعبة، في حين أن كل فرد منا يجهد يومياً من أجل إتمام مسؤولياته العائليّة”، واضعاً هذا الجهد “في سبيل تأمين نوع من الإستمراريّة للمنسقيّة”.
ووجّه جعجع تحيّة الى نصار ومكرزل، فقال: “الصفات البشريّة المطلوبة لا تزال الأهم في أي مسيرة إنقاذ، فالمجتمع الصالح بحاجة لأشخاص صالحين، إن فُقدوا فمن غير الممكن الوصول إلى أي نتيجة وأكبر دليل على ذلك هو ما وصلنا إليه اليوم في لبنان. من هذا المنطلق، تستوقفني مطولاً الصفات الإنسانيّة التي يتمتع بها بعض الناس بغض النظر عن مقدار عطائهم، رغم أن هذا الأمر لا ينطبق على نصار ومكرزل، باعتبار أن الشخص الصالح الذي يعطي قليلاً أفضل بكثير من سيء “بحركيّة دايماً شمال ويمين وليل نهار” وفي نهاية المطاف هذه الحركيّة لا تثمر، وأعتقد أن الجميع عرفوا عمن أتكلّم. وإنما الأمم الأخلاق، فعندما تُفتقد الأخلاق، أياً يكن مقدار العطاء فهو لن يحقق أي نتيجة في حين أنه في حال وُجدت فأياً يكن مقدار العطاء فهو سينتج في النهاية ومنطقة عاليه الدليل الأكبر”.
وأردف: “اتوجّه بشكر من القلب الى جميع الحضور، ولو لم يكن هناك أفاضل وكرام وشجعان في هذا المجتمع لما كنا تمكنا من الإستمرار، فالمشهدية في منطقة عاليه مشابهة لبقية المناطق”.
وأكد جعجع أن “أقصى اهتماماتي في هذه الظروف الوضع الصحي لكل فرد منا، خصوصاً إمكانية الدخول إلى المستشفى، لذا علينا إدراك ان المواجهة الحاليّة لن تحسم بمن سيفوز على الآخر وإنما بمن سيتمكن من الصمود أكثر من الآخر، على خلفية أن المجموعة التي ستتمكن من البقاء أكثر هي من ستفوز، كما أن المجموعة التي ستبقى هي “لبتكون أفرادها مسنودة” بأي شكل من الأشكال ليتمكنوا من اجتياز الصحراء التي نحن فيها اليوم، ولا تظنن أبداً انه من الممكن لأي فريق أن يفرض مشيئته على الآخرين، فهذا المفهوم أصبح من غياهب الماضي”.