ثمة إجماع بأنه طالما إنّ سبل الحل معدومة، فإن صندوق المصاعب والمصائب على اللبنانيين سيتوسّع أكثر فأكثر، وثمة إجماع ايضاً على ان مختلف اطراف الانقسام الداخلي قد إصطدمت بعجزها وفشلها في ابتداع حل توافقي يحسم الملف الرئاسي بما يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، فلا سبيل متاحاً سوى التشارك في صياغة هذا الحل، والّا فإن البلد ذاهب حتماً الى ما لا تحمد عقباه. وهذا الامر يحذّر منه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بتأكيده لصحيفة “الجمهورية” على انه “آن الأوان لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه لبنان”.
يؤكد بري انه لا بد من حراك جدي بداية السنة الجديدة لحسم الملف الرئاسي سريعاً، وقال: “أعود وأكرر من جديد أنّ الفراغ في رئاسة الجمهورية يتحمل بضعة أسابيع، وليس أشهراً، فحالة البلد بالويل، بل اقول انّه على النار، وهذا ما يفرض التوافق على انتخاب الرئيس واعادة إطلاق عجلة البلد”.
على انه في موازاة رفض بعض الاطراف للحوار (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، فإنّ بري يؤكد انه لن يبادر الى الدعوة الى الحوار من جديد، “فقد حاولتُ ولم يستجيبوا، ففي هذه الحالة ما نفع الدعوة الى الحوار”.
وحسم بري الطريق إلى الحل، وقال: من البداية قلتُ وما زلت أقول وأؤكّد انه لا مجال لانتخاب رئيس للجمهورية من دون التوافق، وبغير هذا التوافق ما بيمشي الحال، ولنكن واقعيين، “2 زائد 2 ما يساووا 6″، ففي هذا المجلس النيابي لا توجد اكثرية واقلية، ولا توجد اكثرية تستطيع ان تميل الدفة كما تريد، كلّنا أقليات، ولذلك الحوار هو الاساس، والمطلوب بلا أي إبطاء ان تبادر جميع الاطراف الى ان تجلس مع بعضها البعض والعين على العين، وبنيّات صافية ومسؤولية صادقة، حتى بلوغ التوافق، واقول التوافق، ثم التوافق، ثم التوافق، وبناء على هذا التوافق ننزل الى المجلس النيابي وننتخب رئيس الجمهورية.
ورداً على سؤال عمّا يُحكى عن المشاورات التي يمكن ان تحصل لن تنحصر فقط بانتخاب رئيس الجمهورية بل بسلّة متكاملة، قال بري: الأساس هو انتخاب رئيس للجمهورية، امّا بالنسبة الى ما خَص الحديث عن السلّة، فلنعد قليلاً الى الوراء، فلقد سبق ودعوتُ إلى حوار في عين التينة، ويومها كان الحديث عن السلة، واما النتيجة فكانت اننا فشلنا ولم نتمكن من الاتفاق… وذهبنا الى الدوحة.
“يسترضون ثم يهاجمون”
بالتوازي، تعكس أجواء عين التينة إستغراباً جدّياً لِما بَدا انّه هجوم متعمّد وغير مفهوم وغير مبرّر لا في الزمان ولا في المكان، من الرئيس السّابق ميشال عون على الرئيس بري. هذا الهجوم الإفترائي على الرئيس بري إستوجَب ردّاً مناسباً عليه. فلا نعرف ماذا يريدون، قبل فترة قصيرة جاؤوا الى عين التينة (زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل) للتشاور واسترضاء الرئيس بري وفتح صفحة جديدة، ثم تراهم اليوم يهاجمون لماذا؟ لا نعرف؟!
على أنّ مصادر سياسية لاحظت أن هجوم عون على بري يأتي إستباقاً لتحرّك سيقوم به باسيل لطرح أفكار مرتبطة بالملف الرئاسي، وقالت لـ”الجمهورية”: هذا الهجوم يعبّر عن واحد من خمسة أمور؛ إمّا هو ناجِم عن جهل وقصور في قراءة الأحداث والتطورات السياسية، وإمّا هو يعبّر عن حقيقة انهم لا يملكون شيئاً ليطرحوه، وإمّا هو ناجم عن إدراك مسبق بأن ما سيطرحونه ساقِط سلفاً امام الجبهة الواسعة من الخصوم، وإمّا هو ذرّ للرماد في العيون لرفع تهمة الفشل عن عهد عون، وإمّا هو ناجم عن حقد لا يستطيعون أن يخفوه… كل تلك الأمور شبه مؤكّدة، انما اكثرها قرباً الى الواقع هو الحقد الدفين.