عماد مرمل – الجمهورية
لا تحولات متوقعة في جلسة الإنتخاب لرئيس الجمهورية غداً مع إستمرار المراوحة في خارطة التضاريس السياسية على المستويين الداخلي والخارجي، فيما لا يزال التيار الوطني الحر ينتظر التوقيت المناسب لطرح مرشح رئاسي يتمكّن من خرق الإصطفافات الحالية.
أكثر من مرة، كاد التيار الحر أن يغادر خيار الورقة البيضاء في إتجاه تسمية مرشح إلى رئاسة الجمهورية، لكنه ما يلبث أن يتمهل، مؤجّلاً حسم الإسم في إنتظار إنتاج “بيئة حاضنة” له لدى جزء وازِن من الكتل النيابية، الأمر الذي لم يتحقق بعد.
ولعل المحك الأساسي الذي يواجه التيار هو “التنقيب” عن مرشح يستطيع الجَمع بين طمأنة “حزب الله” والقدرة على كسب ثقته وبين إستيفاء شرط محاربة الفساد وبناء الدولة الذي يصرّ عليه التيار. وبالتالي، فإنّ أي تفرّد برتقالي في طرح إسم معيّن قبل تأمين الحد الأدنى من التوافق حوله، خصوصاً مع الحزب، سيُضيف مزيداً من “الحطب” إلى “موقدة” الترشيحات ليس إلّا، وهذا ما يساهم في دفع تكتل “لبنان القوي” برئاسة النائب جبران باسيل الى التأنّي في الاعلان عن خياره الرئاسي على رغم الضغط الذي يتعرّض له لمغادرة نطاق المنطقة الرمادية.
وإذا كان الخلاف المُستجِد بين التيار والحزب يزيد الأمور تعقيداً، الّا انّ المُطّلعين يستبعدون ان يؤدي هذا الخلاف المتفاقِم حول دستورية انعقاد حكومة تصريف الأعمال الى رَد فعل انفعالي لدى قيادة التيار في الملف الرئاسي، من نوع أن تسمّي مرشّحاً من طرف واحد وتفرضه على الآخرين، وفي طليعتهم الحزب، لا سيما انّ هذه القيادة تعرف أنّ أي تسمية لن تكتسب جدية وجدوى اذا كانت ستحصل فقط على اصوات نواب التكتل، أو أكثر بقليل، في تكرار لتجربة النائب ميشال معوض.
وبناء عليه، لا تغيير سيطرأ خلال الجلسة المقبلة على تكتيك الورقة البيضاء الذي يعتمده التيار منذ انطلاق جلسات الاستحقاق الرئاسي، مع تطعيمه ببعض التصويت الرمزي، في إطار نوع من “الهندسة الإنتخابية” التي تُبقي الستاتيكو الراهن، وذلك الى حين بلورة خيار جدي وواقعي يكون قابلاً للبناء عليه ولاستقطاب اكثرية الـ 65 صوتاً.
وماذا عن احتمال ان يرشّح التيار شخصية من داخل صفوفه، غير باسيل، وهو افتراض يبدو أنه لم يسقط كلياً من حساب بعض نوابه؟
تجزم مصادر قريبة من قيادة التيار انّ ذاك الاحتمال ليس وارداً بتاتاً، مشيرة الى انّ هذا الباب جرى إقفاله كلياً وتم إلقاء المفتاح في البحر.
وتلفت المصادر إلى أنّ المسألة بُحثت داخل التيار وتقرّر رسمياً إنهاء النقاش في شأنها على قاعدة انها ليست مطروحة لا من قريب ولا من بعيد، “وإذا كان هناك مَن يواصل التلميح الى إمكان ترشيح شخصية برتقالية غير باسيل، فإنما يعود ذلك إلى هامش الحرية الواسع في التيار، زيادة عن اللزوم أحياناً”.
وتعتبر المصادر انّ “بعض خصومنا بات يتسلّى بنا، وينبغي عدم التجاوب معه”، مشددة على انّ طرح تسمية مرشح من التيار بحجّة انّ فرصة باسيل معدومة، هو غير مقبول بالكامل لأسباب مبدئية، “إذ انّ الاعتراض على باسيل نابِع أصلاً من خياراته السياسية التي كلّفته عقوبات مُجحفة، وبالتالي كل مَن يُبدي استعداداً ليكون مرشحاً بديلاً يوحي بأنه غير مقتنع بتلك الخيارات”.