لفت الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، إلى أنّ “في ملفات العمل الحكومي والنيابي، يعتمد الوزراء والنواب في كتلة “الوفاء والمقاومة” على ما يقدمه المركز الإستشاري”، مبيناً “إننا أردنا لهذا المركز منذ البداية أن يكون مركزاً علمياً فكرياً تقديرياً رؤيوياً ملتصقاً بالأرض والميدان”.
وأكّد نصرالله في الذكرى الثلاثين لإنطلاقة المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق، أنّ “الهم الأساسي الّذي يحكمنا جميعاً في لبنان، هو ما يرتبط بالموضوع الاقتصادي والمالي والنّقدي والمعيشي في البلد”، مشيرًا إلى أنّ “لا نقاش في أنّ الوضع الإقتصادي في لبنان صعب جدًّا وهذه نقطة إجماع، وهذا الأمر ليس إستثنائياً بالنسبة لبلدنا، بل العديد من دول العالم تعيش وتعاني من أزمات إقتصادية حادة، وكلنا نسمع أنّ هناك لائحة بعشرات الدول المهددة بالإنهيار”.
ورأى نصرالله أنّ “السنوات الست المقبلة مصيرية”، مطالباً برئيس للجمهورية “عندو ركاب”، مضيفاً: “نريد رئيساً شجاعاً مستعدّ للتضحية ولا يهمه تهديد الأميركيين وهناك نماذج موجودة. كما نبحث عن حكومة ومسؤولين من هذا النوع”.
وشدد نصرالله على أنّه “لا يجوز أن نيأس أو نستسلم، وهناك من يحاول إشاعة هذا النّوع من الأجواء، بأّلا إمكانية للقيام بشيء وبأن الأفق مسدود، ولا خيارات سوى القبول بهذا الواقع والعيش تحت عبء الأوضاع الاقتصادية الصعبة أو الهجرة، وهذا خطر جداً”، مركزاً على أنّ “الأهم هو الأمل وعدم اليأس والإحباط، والثقة بالقدرة الوطنية على إنتاج الحلول والخروج من هذا الوضع الصعب والمأزق، لأن سيطرة الإحباط تعني أننا ذاهبون إلى الهاوية”.
ورأى أنّ “على الجميع تحمّل المسؤوليّة، وإنقاذ الوضع الإقتصادي والحياتي والمعيشي ليس فقط مسؤوليّة الدّولة ومؤسّساتها، بل هو أيضًا مسؤوليّة الشّعب والمجتمع والقوى السّياسيّة والخبراء، كلّ بحسب موقعه”، مبيّنًا أنّه “لا يجوز البقاء في حالة تخبّط وارتباك كما هو الوضع في السّنوات الأخيرة.يجب المبادرة إلى وضع رؤية للوضع الاقتصادي ومعالجته، وعلى أساسها توضع الخطط والبرامج”. وفسّر أنّ “أي خطط أو برامج لا تستند إلى رؤية شاملة وعلميّة ومدروسة ومتقنة، تأخذنا إلى التّخبّط واستنزاف الوقت والخبرات”.
وذكر أنّ “للوصول إلى رؤية، يجب دراسة الأسباب الحقيقيّة لما وصلناه إليه من مستوى اقتصادي ومالي في لبنان، بطريقة واقعيّة”، لافتًا إلى أنّ “في لبنان، الكثير من القيادات والقوى السياسيّة والنّخب عندما يطلقون مواقف معيّنة، يبسّطون الأمور، مثل الاعتقاد أنّه إذا تمّ حلّ المسألة مع إسرائيل أو إذا عالجنا الفساد، كل ّشيء آخر سيُحل”. وشدّد على أنّ “هناك فساد متعمّد إداري ومالي، وقصور وتقصير في الدولة اللبنانية”.
كما شرح نصرالله أنّ “من أسباب الوضع الاقتصادي الصّعب في لبنان، بعض السياسات الإقتصادية الفاسدة والمفسدة والخاطئة. من أسبابه أيضاً المحاصصة الطائفية في المشاريع، بدل وجود إنماء متوازن. من أسبابه كذلك هي تبعات الحروب الداخلية رتّبت أعباء كثيرة على الوضع الإقتصادي والمالي، وتبعات الحروب والإعتداءات الإسرائيلية، وتبعات الملفات الإقليمية، فملف النازحين السوريين مثلًا يحمّل الإقتصاد والدولة تبعات بمليارت الدولارات”.
وأشار إلى أنّ “من أسباب الوضع الإقتصادي الصعب أيضاً، هو العقوبات والضغوط والحصار منذ عام 2019، ومن المؤسف أنّ هناك أشخاص في لبنان، إلى اليوم يقولون إنّ لا حصار أو عقوبات”، موضحًا أنّ “الحصار يعني منع المساعدات وتقديم الهبات والقروض للبنان، ومنع الدّولة من قبول الهبات كما حصل مع الهبة الرّوسيّة والهبة الإيرانيّة، أو قبول فتح الاستثمارات منها الصينيّة والرّوسيّة.الشّركات الصينيّة والرّوسيّة جاهزة للاستثمار، ومن ينكر وجود حصار، فلتقبل الدّولة بالاستثمار. كما أن الحصار هو بمنع لبنان من معالجة ملف النازحين”، منوّهًا إلى أنّ “كلّ اللّبنانيّين متّفقين على ضرورة حل ملف النازحين، لكّنهم يمنعون ذلك. أليس ذلك حصار وضغوط؟”.
واعتبر أنّ “النّسخة الثّالثة من المشروع الأميركي في المنطقة، تقوم على تشديد الحصار والعقوبات الاقتصاديّة”، مركّزًا على أنّ “الحديث كان عن أنّ المنطقة ذاهبة الى تسوية مع العدو الصهيوني، والخطط والرؤية بنيت على هذا الامر وتبين انه خطأ.لا تسوية في المنطقة، والنقاش حتى داخل كيان العدو هو هل “إسرائيل ” باقية؟”. وأفاد بأنّ “النسخة الثالثة من المشروع الاميركي في المنطقة تقوم على تشديد الحصار والعقوبات الاقتصادية”.
وأضاف نصرالله: “كل المعلومات والدراسات تؤكد أن هناك في بحر لبنان كميات نفط وغاز هائلة”، مشيراً إلى “اننا لم نذهب الى حافة الحرب ولم تتحمل الدولة والشعب اللبناني الضغوط في الاشهر القليلة الماضية والتهديدات الاسرائيلية فقط لترسيم الحدود بل يجب متابعة الملف النفطي بعيدا عن المشاكل السياسية في البلد”.
وأكد، أن “المغتبرين نقطة قوة للبنان كذلك وهؤلاء يتعرضون للمضايقة من قبل الادارة الاميركية حيث يتم وضعهم على لائحة العقوبات”، ولفت إلى “اننا نحتاج الى اصلاح اداري قضائي ولكن علينا الا نعتمد على سياسة القطاع الواحد بل العمل على كل القطاعات المنتجة، ونحتاج ايضاً إلى سلطة سياسية وموقف شجاع ودولة شجاعة تصمد وتأخذ قرارات جريئة واذا بقينا كما نحن هناك مشكلة حقيقية”.
ورأى نصرالله، أنه “في موضوع قبول الهبات نريد شجاعة، فلماذا يسمح لدول في العالم اقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع الصين بينما مع لبنان ممنوع عليه ذلك؟، نحتاج دولة يقدم مسؤولوها المصلحة العامة على المصالح الشخصية ويواجهون الضغوط”.
ودعا، إلى “مراقبة مصر التي اقامت علاقات تسوية مع اسرائيل، ولديها علاقات جيدة مع السعودية ودول الخليج انظروا الى وضعها الاقتصادي الان، هل لبنان اهم من اميركا لمصر، وهل لبنان اهم من الخليج لمصر؟”، مضيفاً: “في منطقتنا غير مسموح وجود دولة قوية حتى لو كانت حليفا موثوقا بل يجب ان تبقى شعوب منطقتنا تسعى خلف القمح والبنزين والدواء وحليب الاطفال”.
وتابع نصرالله: “اليوم لبنان بلد أمن، أي أن إسرائيل لا تجرؤ على ان تقصف لبنان، والست سنوات المقبلة للبنان وشعبه هي سنوات مصيرية واذا بقينا كما نحن ذاهبون الى الانهيار”، مشيراً إلى “اننا نريد رئيس جمهورية وكذلك حكومة لإنقاذ البلد، ونريد رئيسا شجاعا ولديه استعداد يضحي وفي حال تم تهديده من الاميركيين لا يخاف”، لافتاً إلى أن “القوى التي تسمي نفسها سيادية تعلم حجم التدخل الاميركي وتصمت لأنّ السيادية شعار فارغ في العالم”.