باتَ في حكم المؤكد أن الجلسة الثانية عشرة لمجلس النواب اليوم، لن تكون أفضل من سابقاتها التي أخفقت في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. والمؤكّد أيضاً أن المرشح جهاد أزعور الذي تقاطعت عليه قوى المعارضة مع “التيار الوطني الحر” سيسلك خطى سلفه النائب ميشال معوض، لكن بوتيرة أسرع. لن يحظى أزعور بدورة ثانية وثالثة ورابعة لخوض “معركته”، فهو ورقة “الليخا” الصالحة للاستخدام مرة واحدة لتخريب الطريق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. اليوم ينتهي ترشيح أزعور بعد أن قبِل بأن يكون أداة في لعبة أحجام. علماً أن داعميه يفترضون أن حصوله على 10 أو 15 صوتاً إضافية على فرنجية، سيجبر الطرف الآخر على الذهاب إلى التفاوض على خيار ثالث.
ما شهدته الأيام القليلة الماضية، بيّن أن فريق فرنجية كثّف جهوده لتقليص الفارق، سعياً إلى رفع عدد أصواته إلى أكثر من 50. لكنّ هذا الفريق يعرف أن النتيجة هي العودة إلى متاهة الوساطات والمبادرات في ظل الفراغ، أو أن يتطور النزاع السياسي الطائفي نحو مراحل أشد خطورة، خصوصاً مع تسويق جهات في “التقاطع”، أن إتصالات الساعات الماضية أثمرت إقناع غالبية التغييريين بالتصويت لمصلحة ازعور ما يؤكد انه سيحصل على اكثر من 65 صوتاً. وفي خلفية هذا الفريق، خصوصاً القوات وفريق 14 اذار ان المرشح يكون قد فاز ولا حاجة إلى دورة ثانية، إستناداً إلى دراسة قانونية أعدها المحافظ السابق زياد شبيب وأخرى للقاضي المستقيل بيتر جرمانوس. علماً أن أمراً كهذا بمثابة إعلان حرب، ويصعب أن يسير به داعمون لأزعور، خصوصاً التيار الوطني الحر، وربما الحزب التقدمي الإشتراكي.
وكانَ واضحاً في اليومين الماضيين أن كل الأطراف الداخلية والخارجية تنتظر جلسة اليوم للبناء على نتائجها، ومن ثم العودة إلى إستئناف النشاط خارج المؤسسات. وباستثناء الحراك الذي قامت به السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو على المسؤولين لوضعهم في أجواء المهمة التي سيباشرها وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان بعد انتهاء الجلسة، أتى بيان الخارجية الفرنسية، ليؤكد على دعوة فرنسا “إلى أخذ الجلسة على محمل الجد واغتنام الفرصة”. لكن، في المقابل، لوحِظ إستمرار غياب سفراء الدول المعنية بالملف الرئاسي عن السمع، ونقلت مصادر على صلة بهم أنهم “إبتعدوا عن التواصل مع القوى الداخلية قبل الجلسة بانتظار ما سيحصل”.
وبينما لفتت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى أنها “ستلتقي الجمعة لودريان الذي عيّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بضعة أيام مبعوثاً خاصاً إلى لبنان لإطلاعه على فحوى الإتصالات الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين”، لفتت المصادر إلى أن “الفرنسيين خفّفوا من وتيرة التواصل مع الأفرقاء اللبنانيين لأنهم يريدون أن يرصدوا جلسة اليوم، على أن يعاودوا نشاطهم الأسبوع المقبل مع مجيء المبعوث الجديد”. وفي هذا الإطار، نفت مصادر مطّلعة أن “تكون باريس قد بدّلت موقفها من التسوية، إذ لم تنقل عبر قنواتها الدبلوماسية ما يؤشر إلى ذلك، بل على العكس”، وقالت إن هذا الأسبوع سيحمل معه تطورات وحراكاً مكثّفاً مصدره باريس التي ستستقبل يوم الجمعة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي سليتقي ماكرون في قصر الإليزيه. ورجّحت المصادر أن يكون لبنان على جدول أعمال الطرفين، خصوصاً أن اللقاء سيأتي بعد الجلسة.
وحتى ساعات قليلة قبل موعد الجلسة، إستمرت عملية جمع الأصوات التي ضمنت لفرنجية، نحو 46 صوتاً، مقابل 60 لأزعور الذي يعمل فريقه على إستقطاب يرفع العدد إلى 65.
لكن هذه الأرقام ليست ثابتة وقد تخضع لمتغيّرات ومفاجآت تحصل داخل الجلسة التي ستتحكّم بها أصوات “الكتلة البيضاء” أو كتلة “الخيار الثالث”، وهاتان الكتلتان لم يتوقف أعضاء فيهما عن إقناع زملاء لهم بعدم الإصطفاف في أي موقع، خصوصاً بعدَ أن “سقط” بعض التغييريين والمستقلين في فخ الأحزاب والتيارات المعارضة التي ستستثمر أصواتهم في معركة الرئاسة مع الفريق الآخر لدعم موقعها التفاوضي ليسَ إلا، ومن ثم تعود إلى عقد تسوية سيكون هؤلاء حتماً خارجها.
أما بالنسبة إلى التيار الوطني الحر، فقد علمت “الأخبار” أن نوابه المعترضين على ترشيح أزعور عقدوا إجتماعاً أمس للبحث في خيارات التصويت، لكنهم حرصوا على التكتم حول موقفهم، خصوصاً بعد التهديد المباشر الذي وجّهه إليهم رئيس التيار النائب جبران باسيل بقوله إن “عدم الإلتزام بقرار التيار سيرتّب بعض الإجراءات”. وكان باسيل قال إن ثنائي الحركة والحزب يعمل على تحريض نواب داخل التيار على التمرد، داعياً إلى “عدم التدخل في الشؤون التنظيمية للتيار”. ودافع باسيل عن نفسه قائلاً: “مع قوى المواجهة قرّرنا أنّ نكون على علاقة جيّدة، من دون تحالف، لأنّنا نتّفق معهم على كثير من الأمور السيادية والإصلاحية، ولكن نختلف معهم حول المقاومة، ولا نريد أبداً أن نكون بإصطفاف سياسي معهم ضد حزب الله”، ودعا باسيل إلى الحوار قبل وأثناء وبعد الجلسة من أجل الوصول إلى رئيس توافقي لا يكون مفروضاً لا على المسيحيين ولا على الآخرين.
إشادة أميركية ببري
كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، أمس، عن إجراء “مكالمة هاتفية بناءة” مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول “الحاجة الملحة لانتخاب رئيس وسنّ تشريعات تسهّل الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي”. وأعربت نولاند عن تقدير الولايات المتحدة “إلتزام بري بمحاولة الحفاظ على النصاب وعقد جلسات انتخابية مفتوحة، طالما أن الأمر يتطلب إنجاز المهمة”.