بدأت الحقائق التي أخفاها الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة لسنوات طويلة بالظهور. فبحسب تقرير التدقيق الجنائي الذي أعدّته “ألفاريز أند مارسال”، وحصلت “الأخبار” على نسخة منه، كان سلامة إمبراطوراً يسيطر على المصرف المركزي بلا نقاش وبلا إعتراض. فهو يرسم السياسة النقدية، ويحدّد المعايير المحاسبية التي سيتم استخدامها لإخفاء الخسائر المتراكمة، ويقرّر أي المصارف تستفيد من قروض وهندسات مالية، ويوزّع المال العام على رعايات أو بالأحرى تنفيعات لأفراد وشركات ومؤسسات إعلامية…
ووسط كل ذلك، لم ينسَ نفسه وعائلته، فلجأ عبر شقيقه رجا سلامة إلى تأسيس شركة إسمها “فوري”، ووقّع رياض مع شقيقه رجا عقداً درّ على شركتهما ملايين الدولارات، رغم أن التقرير لم يجد لهذا العقد أي تبرير وظيفي.
أما اللاعبون في “دكانة” مصرف لبنان بإدارة رياض سلامة، فكانوا عبارة عن أصنام في المجلس المركزي يكتفون بما يقدّمه لهم من شروحات مختصرة حول عمليات يريد القيام بها، وهم لا يناقشون فيها، ولا يتابعون أي تفاصيل متّصلة بها.
لا رقابة داخلية في المصرف، وبياناته المالية لا تعبّر عن الوضع المالي الحقيقي، أي عن الخسائر، بل يكاد التقرير يقول إنه كان يزوّر القيود المحاسبية ليظهر المصرف المركزي رابحاً ويوزّع أرباحاً للدولة بقيمة 40 مليون دولار سنوياً. كلّ ذلك، كان يتم بتعليمات مباشرة منه لموظفي المحاسبة في المصرف المركزي لإبقاء الخسائر مجمّعة في بند واحد يسمى “pool”. سمّوها ما شئتم، “بركة”، “تجمّع”، “حوض”… المهم أن كل القذارات المالية المرتكبة كانت تُخفى هناك.
في ما يلي بعض مما ورد في تقرير “ألفاريز أند مارسال” عن خسائر مصرف لبنان، وعن شركة “فوري” وعن أصنام المجلس المركزي، وعن الهندسات المالية.
التقرير مؤلّف من 332 صفحة موزّعة على 14 باباً فيها الكثير من التفاصيل الوصفية للعمليات المحاسبية والمصرفية والإدارية المعقّدة التي تشير بوضوح إلى مسؤولية رياض سلامة في إدارة “دكانة” هائلة كانت تحفّز النموّ الإقتصادي بتنقيد الديون والخسائر المتراكمة، لا بل كانت تضع هذه الخسائر باعتبارها أرباحاً مؤجّلة.
معظم ما ورد في التقرير كان معروفاً، أو لدى العامة فكرة مختصرة عنه، إنما التقرير جاء ليوثّق هذه العمليات على مدى فترة زمنية محدّدة، أي إنه لم يدقّق في كل فترة حكم سلامة، وهو لا يقدّم سوى توصيف تقني عما يحصل، أي إنه لا يتطرّق مطلقاً إلى الشراكة السياسية التي تركت سلامة يهيمن من موقع القائم على السياسات النقدية، على كل الإقتصاد وعلى عمل الحكومات.
خلاصة التقرير أن مصرف لبنان كان يدير أكبر عملية توزيع إنتقائي وبأهداف غير إقتصادية للأموال العامة…
للإطلاع على التفاصيل.. أنقر/ي هنا