جال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الجبل، في إطار تثبيت المصالحة التي تمّت منذ نحو 22 عاماً بين البطريرك مار نصرالله صفير والنائب السابق وليد جنبلاط.
واستهل الراعي زيارته، بلقاء شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، في دارته في شانيه، في حضور فعاليات رسمية دينية سياسية وإجتماعية.
وقال شيخ العقل: “في حضوركم رسالة محبّة وأخوّة وترسيخ للمصالحة ورسالة العيش معاً. وهي تعبّر عن حقيقة الجبل الواحد الموحّد”.
بدوره، توجه البطريرك الراعي للشيخ أبي المنى، قائلًا: “في قلبك همّ وحدة اللبنانيين وأعرب عن فرحتي وشكري لهذا اليوم الذي يجمعنا، ومن خلال هذه الزيارة أعبّر عن روابط المحبّة والصّداقة التي تجمعنا”.
وأضاف الراعي، “أقول اليوم من هذه الدار التاريخية، إن لبنان بحاجة إلى الوحدة، فلبنان يتميز في البيئة المشرقية بأنه وحدة في التنوع، والتنوع مصان من الدستور. وعلينا ان نبني الوحدة الداخلية”.
وتابع، “لبنان لا يمكن أن يكون أرض التنوع في الوحدة والانفتاح على جميع الشعوب والحوار من دون أن يكون حيادياً”. وشدد على “واجب بناء الوحدة الداخلية في لبنان الغني بالقيم الثمين”.
وقال: “نحن من حيث لا ندري نسقط هذه القيم لتموت”. وأضاف: “نحن دولة الإنفتاح وهذا ما يسمى بالحياد الإيجابي الذي هو من صميم وهوية وطبيعة لبنان، ومن دونه لبنان يفقد دوره ورسالته التي ذكرها القديس البابا يوحنا بولس الثاني”.
الباروك
وبعد شانيه، توقف الراعي في الباروك حيث بارك أهالي البلدة الذين إستقبلوه والشيخ أبي المنى والوفد المرافق باللافتات الترحيبية.
وكانت كلمة لرئيس بلدية الباروك الفريديس إيلي نخلة أشار فيها إلى أن “غبطة البطريرك وشيخ العقل هما مدرسة في العيش الواحد نتعلم منهما ونعلم أبناءنا ليزرعوا في النفوس المحبة وبناء جبل ناصع على الرغم من الظلم الذي تعيشه بلادنا”.
بدوره شكر البطريرك الراعي للقيمين حفاوة الاستقبال ولفت الى انه “لا يكفي ان نقول كلنا للوطن لانه للاسف لسنا كلنا للوطن ولا يكفي ان نقول ان لبنان وطن نهائي ونجد ان الولاء منتقص ولا يمكننا ان نعيش الكذبة بين ما نقول وما نفعل . نحن اليوم في الباروك نقف امام الوجدان الوطني ونجدد مع الجميع ايماننا بان لبنان وطن حقيقي ونهائي لجميع ابنائه وكل الولاء له من دون سواه. المؤسف ان كل البلدان يتلى فيها النشيد الوطني كاملا الا لبنان نكتفي بالمقطع الاولى من هنا من امام نصب رشيد نخلة فلنعلن التزامنا قول نشيدنا الوطني كاملا لانه حلقة متكاملة لا يمكن قطعها لما تحمله من التزام وطني يليق بنا كلبنانيين”.
ورأى الشيخ أبي المنى أن “ما من كلام بعد كلام غبطته الذي بحضوره واخلاقه الرفيعةيعبر بلساننا وكلمته كلمتنا”.
المختارة
وبعد الباروك، حطّ الراعي وأبي المنى، في قصر المختارة، حيث كان في إستقبالهما النائب السابق وليد جنبلاط الذي أكد أن “المصالحة تكرست، رغم أصوات النشاز من هنا وهناك، والتي تصر على نبش القبور وتنسى صفحات العيش المشترك المجيدة للجبل والوطن”، وقال: “ليس هناك أغبى أو أسخف، لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهّلون موضوع الانتخابات الرئاسية”.
وتوجه للحضور بالقول: “صاحب الغبطة، إسمح لي ببعض الملاحظات من مراقب بعيد، أولا نثمن عاليا كلّ الجهود المحلية والعربية والدولية التي تقومون بها من أجل حل معضلة الرئاسة. كما نحيي عاليا تأييدكم للحوار، رغم العقبات المتعددة”.
أضاف: “في أدبياتنا، كل الشهداء هم شهداء الوطن من دون تمييز من أي جهة كانت، وفي ما نسمعه من نظريات ليس هناك أغبى أو أسخف، لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهلون موضوع الانتخابات الرئاسية”.
وتابع: “في نسخة أخرى من النظريات حول ما يسمى مواصفات الرئيس، كأن المطلوب أن يتعلم المجلس النيابي دروسا في النحت أو الخياطة، فعندما تريد الدول حل الأمور تحلها، وتذكروا مجلس الإدارة أيام المتصرفية، وتذكروا الاستقلال كما سنة 1985، والطائف وغيرها من المحطات، فكفى وضع عراقيل لتغييب الانتخابات”.
وأردف: “يأتينا وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان، بالتزامن مع زيارة رجل “الترسيم” آموس هوكشتاين، وكلاهما صرحا بتأييدهما إنجاز الانتخابات الرئاسية، ممتاز، كيف؟ فهل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيد هوكشتاين؟ وهل يمكن تسهيل الانتخابات يا سيد عبد اللهيان؟ وتحديد الصندوق السيادي الجديد مع الدول المعنية والقادة المحليين، سؤال مجددا من مراقب بعيد”.
وختم جنبلاط: “من جديد، نثمن جهودكم عاليا، ونحن على استعداد لأي مساعدة في مهمة الرئاسة الصعبة، ولكن ليست المستحيلة”.
بدوره، قال الراعي: “إن هذا اليوم تاريخي. لقد أتينا لكي نحيي، مرة أخرى، المصالحة التي قمتم بها مع البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، وأردتما أن تشمل جميع اللبنانيين، فلا مصالحة من دون مصارحة”.
أضاف: “لا يمكن أن يستمر لبنان في هذه الحال، وقد أصبح غريبا عن ذاته، ولم نقتد حتى الآن إلى حلول وطنية، والأمور تتفاقم”.
ولفت إلى أن “دار المختارة تاريخية”، متوجها إلى جنبلاط بالقول: “أنت حامي هذا التاريخ مع نجلك وتحافظ عليه، وعلينا أن نحمل هذا الهم. لقد بدأنا المسيرة معا، ونكملها يدا بيد للعمل معا من أجل وحدة الوطن وشفائه وأن تشمل المصالحة كلّ لبنان”.
واستبقى جنبلاط، البطريرك الراعي وشيخ العقل والضيوف على مأدبة الغداء.
بيت الدين
وخلال ترؤسه قداس عيد سيدة الخلاص في باحة مطرانية بيت الدين في الشوف، إعتبر الراعي أن ” لبنان لا يستطيع أن يكمل طريقه من دون مصالحة ومصارحة، ونصلي أن تتواصل المصالحة – المصارحة على المستوى السياسي، ونطلب من الله أن يمكن الجميع من القيام بها بشجاعة”.
وقال في عظته: “إنها ذبيحة شكر لله على هذا اليوم الجميل، الذي عشتنا فيه جمال المصالحة التي تمت في الجبل في العام 2001”.
ورأى أن “لبنان لا يستطيع أن يكمل طريقه من دون مصالحة ومصارحة، ونصلي أن تتواصل المصالحة – المصارحة على المستوى السياسي، ونطلب من الله أن يمكن الجميع من القيام بها بشجاعة”.
وقال: “البداية كانت في شاناي مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، وكانت الغاية تجديد روابط المحبة والصداقة والتعاون في خدمتنا معا على المستوى الروحي. بعدها كانت لنا وقفة في الباروك، تحية لشعبنا هناك، ووقفة في هذا الكرسي”.
وتابع: “ثم زرنا بعقلين، حيث تكلمنا أبي المنى وأنا عن ثمار المصالحة التاريخية التي أجراها البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير والنائب السابق وليد جنبلاط، لنؤكد أننا ملتزمون بمواصلة هذه المصالحة التاريخية، لأن عليها ترتكز وحدة شعبنا ووحدة سياسيينا في مسيرة الوطن”.
وأردف: “بعد ذلك، إنتقلنا إلى دارة المختارة، وتقاسمنا مادئة المحبة وتبادلنا الكلام مع جنبلاط. والآن نحن هنا، لنشكر الله على هذا النهار الجميل، ونوجه تحية لكل من رافقونا”، مشددا على “أننا نشكر الرب على هذه النعم، ونجدد إيماننا بمسيرة المصالحة، ونصلي أن تشمل المصالحة كل السياسيين والأحزاب والجماعات المسؤولة، لكي يسلم الوطن”.
ورأى أن “لبنان لا يستطيع أن يكمل طريقه من دون مصالحة ومصارحة، ونصلي أن تتواصل المصالحة- المصارحة على المستوى السياسي، ونطلب من الله أن يمكن الجميع من القيام بها بشجاعة”.