نقلت شبكة “سي أن أن” الأميركية، الخميس، عن 3 مصادر قولها، إن تقييماً للمخابرات الأميركية أشار إلى أن ما بين 40 إلى 45% من القنابل التي ألقاها الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة، كانت “غير دقيقة”، وتُعرف بـ”القنابل الغبية”.
ويأتي الكشف عن التقرير الإستخباراتي الأميركي، في ظل الخلافات المتزايدة بين واشنطن وتل أبيب، بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمخاوف الأميركية بشأن المرحلة التي تعقبها، في ظل رفض رئيس الوزراءالإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأية حلول سياسية تتضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إن إسرائيل “تفقد دعم المجتمع الدولي” مع إرتفاع عدد القتلى في غزة، حيث قُتل أكثر من 18 ألف فلسطيني خلال الشهرين الماضيين، وفقاً لوزارة الصحة التي تديرها “حماس” في غزة.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، الأحد، أنه في الشهر ونصف الشهر الأول من الحرب، أسقطت إسرائيل أكثر من 22 ألف قنبلة موجهة وغير موجهة على غزة، زودتها بها واشنطن، وفقاً لأرقام إستخباراتية أميركية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لا تجري تقييمات حقيقية بشأن إلتزام الجيش الإسرائيلي بقوانين الحرب.
وعادة ما تكون القنابل غير الموجهة أقل دقة، ويمكن أن تشكل تهديداً أكبر على المدنيين، خاصة في منطقة مكتظة بالسكان مثل غزة، والمعدل الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي من “القنابل الغبية” قد يساهم في إرتفاع عدد القتلى المدنيين.
ونقلت شبكة “CNN” عن خبراء، أنه إذا كانت تل أبيب تستخدم قنابل غير موجهة بالمعدل الذي تعتقد الولايات المتحدة أنها تستخدمه، فإن ذلك يقوض الإدعاء الإسرائيلي بأنها تحاول تقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
“القصف بالغطس”
وقال بريان كاستنر، وهو ضابط سابق في فريق التخلص من القنابل المتفجرة، والذي يشغل الآن منصب كبير مستشاري الأزمات في منظمة العفو الدولية بشأن الأسلحة والعمليات العسكرية: “أنا مندهش وقلق للغاية، إنه أمر سيء بما فيه الكفاية أن يتم إستخدام الأسلحة عندما تصيب أهدافها بدقة”.
وقال المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي، إن مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، يبدأ الخميس، رحلة تستغرق يومين إلى إسرائيل، حيث سيلتقي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسيجري “محادثات جادة للغاية” مع المسؤولين الإسرائيليين خلال زيارته بشأن “الجهود المبذولة لتكون العملية العسكرية أكثر دقة، ولتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين”.
وذكر مارك جارلاسكو، المحلل العسكري السابق للأمم المتحدة ومحقق جرائم الحرب الذي شغل منصباً في هيئة الأركان الأميركية في عام 2003، أن إستخدام القنابل غير الموجهة في منطقة مكتظة بالسكان مثل غزة “يزيد بشكل كبير من إحتمال عدم إصابة الهدف، وإلحاق الأذى بالمدنيين في هذه العملية”.
وقال مسؤول أميركي، لـ”سي أن أن”، إن بلاده تعتقد أن الجيش الإسرائيلي، يستخدم “القنابل الغبية” بالتزامن مع تكتيك يسمى “القصف بالغطس”، أو إسقاط قنبلة بشكل حاد من طائرة مقاتلة، وهو ما قال المسؤول إنه يجعل القنابل أكثر دقة لأنه يقربها من هدفها.
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تعتقد أن الذخيرة غير الموجهة التي يتم إسقاطها عن طريق القصف تكون دقيقة بشكل مماثل للذخيرة الموجهة.
لكن جارلاسكو قال إن الإسرائيليين “يجب أن يرغبوا في إستخدام السلاح الأكثر دقة قدر الإمكان في مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان”.
وأضاف أنه في حالة الذخيرة غير الموجهة “هناك الكثير من المتغيرات التي يجب أخذها في الإعتبار، والتي يمكن أن تؤدي إلى دقة مختلفة بشكل لا يصدق”، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تخلصت تدريجياً من إستخدامها للذخائر غير الموجهة خلال العقد الماضي.
وليس من الواضح ما هي أنواع الذخائر غير الموجهة التي يستخدمها الإسرائيليون، على الرغم من أن الخبراء أشاروا إلى أن الجيش الإسرائيلي يستخدم قنابل M117 التي تبدو غير موجهة.
وأشار كاستنر إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية، نشرت صوراً لطائرات مقاتلة مسلحة بما يشبه قنابل M117 على منصة إكس، في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إسرائيل ليست إستثناء
كما زودت الولايات المتحدة إسرائيل بذخائر غير موجهة، بما في ذلك 5000 قنبلة من طراز “MK82″، حسب ما قال مصدر مطلع على عمليات نقل الأسلحة الأخيرة لشبكة “CNN”، مؤكداً تقرير صحيفة وول ستريت جورنال.
وقدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 3000 صاروخ “JDAMS” إلى تل أبيب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حسب ما ذكرت CNN سابقاً، وأخبرت الكونغرس الشهر الماضي أنها تخطط لتحويل ما قيمته 320 مليون دولار من القنابل.
والإثنين 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن إسرائيل ليست مستثناة من السياسة الأميركية التي تلزم أي دولة تزودها واشنطن بالأسلحة بالالتزام بقوانين الحرب.
وقال المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة تتوقع من كل دولة تزودها بالأسلحة أن تستخدمها “بما يتوافق تماماً مع القانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب، وإسرائيل ليست إستثناءً”.
وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة تجمع أية معلومات حول إحتمال إرتكاب أية جرائم حرب، قال ميلر: “نراقب كل ما يحدث في هذا الصراع، ومنخرطون في محادثات مع الحكومة الإسرائيلية”.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الأربعاء، إرتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 18,608 شهيداً و50,594 جريحاً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي إرتكب مئات المجازر بحق المدنيين، جراء قصف منازلهم على رؤوسهم، وإطلاق النار عليهم بالطرقات.