إشتعل السجال مجدداً على جبهة التأليف الحكومي ولكنه جاء هذه المرة مباشراً بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي عبر مكتبيهما الاعلاميين، ولم تشارك فيه المصادر القريبة ولا الزوار ولا “التيار”. ففيما كان ميقاتي ينتظر من عون ان يسمّي الوزيرين البديلين لوزارتي الاقتصاد والمهجرين حسبما انتهى اللقاء الرابع بينهما امس الاول ليُصار الى اجتماع خامس لعله يستولد الحكومة، فوجئ بما نقله رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم عن عون واعطى انطباعاً مفاده ان اي تقدّم لم يحصل على مستوى التأليف، كذلك تفاجأ ميقاتي حسبما توافَر لديه من معطيات في ان بياناً مكتوباً أُعِدَ مسبقاً وطُلِب من كرم ان يتلوه بعد اللقاء من على منبر القصر الجمهوري، وهو الامر الذي نفاه القصر لاحقاً بعد صدور بيان “الاستغراب” من مكتب ميقاتي.
وقالت مصادر معنية بالتأليف لـصحيفة “الجمهورية” ان هذا السجال زاد من المخاوف على مصير التأليف، فالمتشائمون اكدوا ان الحكومة لن تولد وانّ البلاد ذاهبة الى البقاء في عهد حكومة تصريف الاعمال سواء انتخب رئيس جمهورية جديد في المهلة الدستورية او لم ينتخب، فيما المتفائلون قالوا ان التأليف سيحصل ولكن سيتأخر الى الايام الاخيرة من موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول المقبل.
بَدا خلف السجال ان مواقف المعنيين بالتأليف لم تتبدل فرئيس الجمهورية ما زال يصر عل توسيع الحكومة الحالية بضم ستة وزراء دولة سياسيين اليها ليُتاح له توزير رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل والوزير السابق سليم جريصاتي وربما لا يمانع عندها في تغيير وزيري الاقتصاد والمهجرين امين سلام وعصام شرف الدين. فيما ميقاتي يتمسّك بإعادة تأليف حكومته الحالية وتغيير سلام وشرف الدين فقط من بين وزرائها، وربما يقبل بتغيّر وزير ثالث اذا ارتأى عون او غيره ذلك شرط ان لا يخلّ أي تغيير في التوزير بالتوازن الموجود فيها والذي كان قد ارتضاه الجميع عند تأليفها.
لكن اوساطاً سياسية استبعدت عبر “الجمهورية” تشكيل الحكومة في القريب العاجل، مشيرة الى “ان عض الأصابع سيتواصل حتى ما قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بوقت قصير، في إطار محاولة كل طرف تحسين شروطه وموقعه”.
ولكن الاوساط نفسها لفتت الى “احتمال ولادة الحكومة قبل فترة وجيزة من انتهاء العهد، بعدما يكون الجميع قد تيقنوا ممّا يشعرون به حالياً وهو ان الانتخابات الرئاسية لن تتم ضمن المهلة الدستورية، وبعدما تكون لعبة عض الأصابع قد استنفذت هوامشها”. وقالت: “في تلك اللحظة سينزل المختلفون من أعلى الشجرة وسيسهلون تشكيل الحكومة في ربع الساعة الاخير، لحصر الخسائر، لأن وجود حكومة تصريف أعمال في ظل الشعور الرئاسي سيزيد الازمة الحالية استفحالا، وسيسبّب في توسيع الشرخ الداخلي، الأمر الذي سيرتب تداعيات لن يكون من السهل لجمها”.
وأكدت هذه الاوساط ان عون وباسيل “لن يقبلا بتاتاً بأن تتولى حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية، على أن يقررا الخيار المناسب لمواجهتها في حينه”.
لكن مرجعاً سياسياً بارزاً قال لـ”الجمهورية” ان ليس امام عون اي خيارات سوى مغادرة القصرالجمهوري في حال تعذّر انتخاب خلف له ضمن المهلة الدستورية. اذ لا يمكنه دستورياً البقاء في القصر الجمهوري عند انتهاء ولايته متذرعاً بأن حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، فهذا الامر لا نص دستورياً يُجيزه، وتاليا لا يمكن احد القبول به فالبلاد ليست في ظروف مشابهة للعام 1988 والدستور الحالي المنبثِق من “اتفاق الطائف” هو غير دستور ما قبله حيث لا يُجيز لرئيس الجمهورية المنتهية ولايته البقاء في سدة الرئاسة لأي سبب ولا الذهاب الى تشكيل حكومة مدنية او عسكرية مثلما فعل الرئيس السابق امين الجميل في نهاية ولايته عام 1988.