إبراهيم الأمين – الأخبار
حياد سلبي أو عصيان سياسي أو مقاطعة عامة أو صرخة احتجاج أو هو مجرد ربط للنزاع!
كل نتائج الإستطلاعات التي أجريت لحساب قوى أو شخصيات، خلال الشهور القليلة الماضية، أظهرت أن نسبة كبيرة من اللبنانيين تميل إلى عدم المشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة. والاستنفار الإعلامي والسياسي الذي نشهده ليل نهار، لا يعكس حقيقة الانكفاء الكبير عند الناس. وهو انكفاء يجري التعبير عنه بطرق مختلفة وفي كل الأمكنة. عند الشيعة حيث العصبية الحزبية الأقوى المتمثلة بحزب الله، تُسمع أصوات تنبه الحزب إلى أن الناس سيمتنعون عن المشاركة في الانتخابات. هم لا يريدون التصويت لغير المقاومة. لكنهم ليسوا راضين عن التحالفات القائمة ولا عن أداء الحزب نفسه. وعند الدروز، ثمة حيرة وصمت لا ينفع معهما كل العمل الخيري الذي استفاق عليه وليد جنبلاط، ولا التحريض السياسي أو الدعوة إلى معارك كبرى حيث لا حول ولا قوة ولا ما يحزنون. أما الغضب عند المسيحيين فهو أقرب إلى محاولة قد تدفع نسبة أقل منهم إلى العزوف عن المشاركة. لكن التصويت سيظهر حجم التناقض الذي تعيشه هذه الفئة وصعوبة الخيارات الاستراتيجية. وتبقى الأزمة الكبرى عند السنة. أزمة بدأت يوم اغتيال رفيق الحريري ولن تنتهي بعزوف ابنه عن المشاركة في العمل السياسي المباشر. هي أزمة تتصل بالمكانة التي يفترض السنة أنهم حرموا منها، لكنهم ممنوعون من المراجعة الهادئة والعاقلة.
لكن لبنان العام 2022 ليس لبنان العام 1992. لا الواقع الداخلي ولا الإقليمي أو الدولي كما كان. لا يمكن للسنة في لبنان تكرار تجربة المسيحيين على إثر إقرار الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية برعاية سورية كاملة لتنفيذ اتفاق الطائف. ما نشهده اليوم أزمة تخص كل الشارع السني، لكنها تقف عند حائط بيت الوسط. إنها الفصل الأكثر قساوة في حكاية الحريرية. الفصل الذي لا يتضمن إسدال الستارة، بل بناء جدار من حول المسرح، وتركه كما هو حال البناء المهجور. منزل مقفل، لا صوت يخرج منه ولا ضوء.
لسعد الحريري مكانة خاصة عند السنة في لبنان. يمكن ببساطة فهم العاطفة الكبيرة التي يكنّها الناس تجاه هذا الشاب، بوصفه وريث أقوى زعيم عرفه السنة في تاريخهم المعاصر. في استطلاع أجري قبل مدة على عيّنة كبيرة شملت كل السنة في لبنان، أعربت غالبية تصل إلى 72 في المئة عن خيبتها من أداء الرجل. لكنها زادت نقطة عندما قالت إنها تختار سعد الحريري رئيساً للحكومة. هذا ليس تناقضاً. لأن التدقيق يجعل المهتم يسمع تفسيرات كثيرة حول ما يحصل. يبرر الناس للرجل إخفاقاته. ولدى جمهور الحريري استعداد دائم لاتهام كل الآخرين بالتآمر عليه وتعطيله ومنعه من العمل والإنتاج. وهو استعداد يفسّر رغبة هذا الجمهور بأن يبقى سعد زعيماً بلا منافس. وهو استعداد يفسر عجز كل البدلاء عن احتلال مكانة واضحة في القلب والعقل السنيين. ثمة أشياء لا يمكن تحصيلها لا بالعلم ولا بالمال ولا بالقوة. ثمة أشياء تأتي تلقائية. هكذا يتعامل غالبية السنة مع سعد الحريري. يرغبون به، ويعبّرون عن قهرهم لأنه عاجز عن فعل كذا وكذا وكذا… حتى وهو يستعد للمغادرة، يعبّرون عن ضيق من عدم القدرة على إقناعه بالبقاء ولو كلفهم ذلك خسائر إضافية في الحياة والنفوذ والدور. غالبية السنة في لبنان تتصرف كمن لا يريد الترحم على أيام الحريرية في وقت لاحق، وينظرون بقرف ورفض إلى كل من يطرح نفسه بديلاً عن الحريري اليوم. يحصل كل ذلك، في بلد لا يوجد فيه مشروع يدفع السنة كما بقية الناس إلى البحث عن بديل من نوع مختلف.
لقراءة المقال كاملاً.. انقر/ي هنا